الصحفي ليس مشجعاً..

تابعت خلال الأيام الماضية بعض الانتقادات الحادة للصحفيين الرياضيين الموريتانيين، على خلفية ما أثير من جدل ونقاش حول تشكلة المنتخب الوطني، ومعسكر إسبانيا، ومباراة الكامرون المرتقبة..
ورغم اختلافي جذرياً مع كثير من الآراء التي برزت في هذه المواضيع، من بعض الصحفيين والنقاد والمدونين، خاصة الآراء التي قللت من قيمة بعض اللاعبين، أو انتقدت استدعاءهم بشكل غير مهني وغير رياضي من وجهة نظري، إلا أن اختلافي مع هؤلاء لا يجعلني أساند المنتقدين لهم، المنتقصين منهم دون وجه حق، لمجرد الاختلاف معهم..


نعم، يمكننا أن نختلف مع هؤلاء، ويمكننا أن نحاججهم، ويمكننا حتى أن نقسو عليهم في المحاججة والنقاش، كما يمكننا وصف آرائهم بالخاطئة، وتبيان أوجه خطئها وقصورها، فكل ذلك ممكن ومقبول، بل أراه مطلوباً..
لكنّ غيرَ المقبول أبداً أن يحاول البعض؛ مهما سمت عنده نفسه وعياًَ وتطلعاً وخبرة وتجربة، أن يجعل من نفسه وصياً على الصحفيين، يوزع عليهم شهادات حسن السلوك أو سوءه، ويحدد لهم ما يجب وما يحرم عليهم، بحجة أن عليهم جميعاً الالتفافَ حول المنتخب الوطني، والانسجامَ مع الجميع في طابورِ آراءٍ واحد جامد بلا تنوع وبدون اختلاف!


ولعمرى إن ذلك لخطأ جسيم؛ أن نعتقد أن وحدة آرائنا وغياب تنوعها هو الوضع المثالي، بل على العكس من ذلك تماماً، فالوضع الصحي السليم أن نكون هكذا، مختلفين ومتنوعين، بآراء شتى ورؤى متنوعة وبصائر متفاوتة.. فهذا ما يجب أن نكون عليه بالضبط، وتأكدوا أن الصواب لن يخرج ولن يظهر كالشمس رأد الضحى، إلا حين تتزاحم جميع العقول، بل وبعد أن تتصادم وتتحاجج وتتعارض!!
انظروا إلى العالم من حولكم، هل رأيتم صحافة بلد واحد من بلدان العالم المتقدم موحدة على قلب رجل واحد في مثل هذه الحالات، كما تنشدون؟ بل نراهم مختلفين يتجادلون في كل شيء، وفي الأوقات الحرجة أيضاً..
من حق جميع الصحفيين إذن أن يختلفوا، وينتقدوا ما يشاؤون، فهم ليسوا مشجعين، وليسوا مطالبين بالسكوت عن أشياء، لا يريدون السكوت عليها، أو الحديث في أمور لا يودون الحديث عنها، وهذا لا يمنع ولا يناقض وقوفهم جميعاً خلف المنتخب حين يعزف النشيد الوطني، لتجمعهم الألوان الوطنية تسعين دقيقة، وبعدها ليتلون كل منهم باللون الذي يشاء، وليس من حق أي كان أن يرغمه على تقمص لون لا يعجبه، أو تبني رأي لا يقتنع به..

جمعة, 27/05/2016 - 09:36

          ​