تاء التأنيث:أم تحنو.. وأب..

 "أبي تركنا وشأننا بلا رحمة، دون أن نثير شفقته، أو نستدر جيبه، فلم يعد يعيرنا أي اهتمام بعدما قطع كل الروابط والصلات التي كانت تجمعنا، وكأنه شخص آخر من سكان العاصمة لا نمت إليه بصلة.. ولا تجمعنا قرابة..
****
آصرة القربى التي كانت تجمعنا ما لبثت أن انصرمت وانبتت بمجرد أن تفوه لأمي بكلمة "طالق".. فأي ذنب جنيناه، وأي جرم اقترفتاه؟ حتى يهجرنا أبونا طواعية قبل سابق إنذار، ويتوارى عن أنظار صغاره دون أن يبقى له أثر"...
فبمجرد أن عرفت انتمائي لمهنة الصحافة باحت لي فتاة من سكان العاصمة بعد أن استطلعت رأيها في موضوع لا علاقة له بقضايا الأسرة ولا بهمومها.. محاولة لفت نظري إلى موضوع يهمها أكثر، باعتباره أولى بالطرح.. وأجدر بالتناول، حسب نظرها.. عرفت انتمائي لمهنة الصحافة.. علها بالبوح تجد من يقاسمها المشكلة فيواسيها.. أو يسعى معها لحل ترضاه، أو ربما يسعفها بتبريرات تفسر ما حصل.
****
الاستماع لقصة الفتاة ابنة 13 خريفا ولد في نفسي حب الاطلاع على التفاصيل، فسألتها عن عدد إخوتها وتوزيعهم حسب الجنس، وعن قصة المعاناة؟ فردت قائلة: "عددنا خمسة، أنا ثالثة أخواتي ولي أخوان، كلنا في سن الطفولة، وعلى مقاعد الدرس، باستثناء أخي الأكبر الذي اضطر تحت ضغط الحاجة إلي مزاولة نشاط تجاري متواضع يساعد أما أصبحت بين عشية وضحاها معيلة الأسرة الأولى.. ما فرض عليها هي الأخرى مجددا امتهان التجارة لتوفير مصروفات الأطفال: من تسديد للرسوم المدرسية، وشراء للوازم.. مع متطلبات المنزل من مأكل ومشرب وملبس وأجرة مسكن، بالإضافة إلى تسديد فواتير الماء والكهرباء.
****
ولسد ثغرات ترتبت عن هجرة رأس هرم أسرتنا وحامي حمانا.. انبرت من قدمت لي رفقة إخوتي الدفء والحنان، لتعيد لأسرتنا بعض التوازن.. وضحي أخي الأكبر ـ إذن ـ بمستقبله الدراسي لسد فراغ أب هجر منزله طواعية ولغير رجعة.. ولم يترك أثرا يدل على أنه كان هنا سوى أولاده..


فاطمة السالمة بنت محمد المصطفي

 

أربعاء, 01/06/2016 - 11:06

          ​