إلى عزيزي الشيخ باي

لم أتلق ردا على رسالتي اﻷولى ولذلك قررت أن أكاتبك مرة أخرى.ستقول: عجوز ثرثار فاته القطار يبحث عن أي شيء يملأ به يومه الذي يفوق 24 ساعة، بسيطة مقبولة منك يا عزيزي. هل تعرف أنه عندما سألني شرطي مرة في "المطار البائد" عن وظيفتي هممت أن أقول له "حكواتي"، لوﻻ أنني تذكرت أن زوجتي ستعتبر اﻷمر فضيحة وطنية.المهم: يحكى أن ملكا كان يدعي قرض الشعر، سأل وزيره ذات يوم كيف يصبح شاعرا كبيرا يذيع صيته في شتى اﻷقطار واﻷمصار.أشار الوزير على الملك بشاعر كبير، وقال له إذا شهد هذا الرجل بأنكم شاعر ﻻ يشق له غبار، نلتم الغاية والمراد يا موﻻي.أرسل الملك في طلب شاعرنا الكبير، حتى إذا ما مثل بين يديه وقرأ عليه من شعره، سأله ما رأيك في ما سمعت؟ فأجابه الشاعر: ما سمعته أيها الملك ﻻ يمت للشعر ﻻ بصلة دم وﻻ قرابة وﻻ رحم وﻻ جيرة.إستشاط الملك غضبا وأمر بسجن شاعرنا المسكين حتى يعرف قدره ويجلس دون دونه.وبعد أن قضى صاحبنا في السجن بضعة أشهر، دعاه الملك ذات يوم وقال له سأسمعك قصيدة أخرى، لعل رأيك في شعرنا يكون قد تغير خﻻل هذه اﻷشهر.وبعد أن أنشده قصيده، سأله: "هه ما رأيك؟"، لم يجب شاعرنا الملك بل التفت إلى السجان الواقف قربه وقال له: "لو سمحت، أعدني إلى زنزانتي".أعرف أنك يا عزيزي، سمعت عشرات من مثل هذه القصص وغيرها من عنتريات أصحاب المبادئ الذين ﻻ يتزحزحون عن مواقفهم مهما كان حجم الضغوط واﻹغراءات، لكن صدقني تلك مجرد حكايات وأساطير، نتذكرها بين مناسبة وأخرى ثم ما نلبث أن نسخر منها ومن أصحابها، عندما تنطفئ اﻷضواء وينصرف ضيوف الشرف والمصورون.كل ما أخشاه علبك يا عزيزي هو أن تعمل فيها بطﻻ قوميا وتتخيل أننا سنحملك على اﻷعناق، أعناقنا صغيرة جدا وﻻ تتحمل.سننساك بسرعة كما نسينا الذين من قبلك، فنحن شعب ذاكرته 0 جيكا، وستلبث في سجنك بضع سنين، لذلك أرجوك كاتبهم قل لهم: "إنما دفعني إلى تلك الفعلة "الدنيئة" شيء من الهبل وقلة العقل وحب الشهرة... وأرجو أن تعيدوني إلى أهلي سالما".قل لهم إنك أقسمت أن تعيش بقية حياتك "حافيا" مثل المﻻيين من أبناء وطنك، قل لهم أي شيء والسﻻم وسترى كيف سيتولون هم توضيب بقية الكﻻم.وحدهم اﻷغبياء يا عزيزي، هم الذين يجعلون "كراع الهمزة" يطول أكثر من الﻻزم ويخرح عن السيطرة، ﻻ تكن مثلهم...هيا قبل فوات اﻷوان.ألم ياتيك نبأ ذلك السياسي فينا، الذي قال لرئيس سابق لنا:"إذا لم تترشحوا للإنتخابات يا سيدي، سنرفع عليكم قضية".مع أنه والله لو كان الخيار بيدنا نحن، لرفعنا عليه قضايا قبل أن يترشح.مع تحياتي.

البشير عبد الرزاق

خميس, 07/07/2016 - 16:17

          ​