لم يكن أحد يصدق أنه في الوقت الذي تتقدم فيه موريتانيا بخطى ثابتة على طريق استرجاع مصداقية الدولة وقيم الحرية والشفافية، أنه في هذا الوقت إذا ستقرر النخبة الجامعية في أقدم نقابة لأساتذة التعليم العالي الدفع برمز لعقلية "الحزب الجمهوري الديمقراطي والاجتماعي" –بردس اختصارا- إلى واجهة النقابة الوطنية للتعليم العالي. ولعل أهل الذكر في مجال السياسة يستحضرون المناورات المريبة لولد شامخ سنة 2008، وهو يحاول "خلط كلوة وفرسن..."، عندما كان "حزب عادل" يلفظ أنفاسه الأخيرة. وكما كان ولد شامخ "مناضلا مقيما" في "بردس"، أصبح "مناضلا مقيما" في "حزب عادل"، وعلى الرغم من إشكالية "انتهاء الصلاحية " الفكرية والسياسة، حاول الرجل أن يكون "مناضلا هيكليا" في "حزب الاتحاد من أجل الجمهورية"، إلا أن المشرفين على المشروع الإصلاحي الطموح بقيادة فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، لم يجدوا مبررا أخلاقيا أو فكريا أو ديمقراطيا لإدراج اسم ولد شامخ على لائحة المكتب التنفيذي أو المجلس الوطني أو أية هيئة أخرى من هيئات الحزب الجديد، على الرغم من "التجربة الطويلة" للرجل في ممرات الأحزاب الحاكمة على اختلاف توجهاتها... وعلى الرغم من "النضال الانتفاعي المقيم"، لم يجرؤ أي من الأحكام السياسية الثلاثة الأخيرة التي تداولت على السلطة في موريتانيا، على اقتراح الرجل في منصب إداري ولو بسيط كرئيس مصلحة مثلا، على الرغم من قدرته الفائقة على "الاتصالات المنزلية " المكثفة وخبرته في خيوطها...
فولد شامخ الذي نشأ "إخوانيا" واعتمد الخلاعة أيام الدراسة المتعثرة في الخارجواختار مهنة "اتلحليح بوجه من الحديد" خلال مشواره المهني الباهت في ممرات الأحزاب الحاكمة وإدارات الدولة بحثا عن "لىمارشى"، أصبح اليوم رمزا من رموز النخبة الفكرية والجامعية الموريتانية، إنها انتكاسة أخلاقية وسياسية وآكاديمية من العيار الثقيل. فكيف -ياترى- هبطت أقدم نقابات التعليم العالي الموريتاني، "النقابة الوطنية للتعليم العالي"، إلى هذا الحضيد؟ الحقيقة أن "الرجل الماكر" استغل فرصا عديدة لتمرير مخططه المدمر:
· أجواء "التململ السياسي" لدى "انتهازيي الجمهورية" عقب إعلان فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز عدم نيته الترشح لمأمورية ثالثة، ومحاولة البعض "بردسة" الحياة العامة الوطنية مجددا
· انشغال النخبة السياسية بأجواء رمضان الكريم المنصرم
· الإحباط والفشل الذريع الذي منيت بهماالقيادة الفارطة لهذه النقابة، بعد مظاهراتها العبثية...
· وجود قيادات حزبية (في المعارضة وفي الموالاة) "تجد ذاتها" في ما يرمز له ولد شامخ، فإخوان "الإخوان" "إخوان"
· تلفيق وإشاعة معلومة خاطئة مفادها أن "الدولة" تدعم ولد شامخ وتبارك ترشحه
· فكرة "أبو" أو حصان طروادة التي تبنتها القيادة "الإخوانية" الفارطة لهذه النقابة وهي فكرة "تمويه الرأس" للتغلغل داخل صفوف الخصم للحصول على المنافع وإلحاق الضرر السياسي –كما يحصل بالنسبة للصحافة الإلكترونية-
· ضعف الوازع الوطني والأخلاقي لدى بعض أساتذة التعليم العالي
· تمالؤ القيادات الإخوانية داخل "النقابة الوطنية للتعليم العالي" مع "رفيقهم" ولد شامخ، حيث أحجمت هذه القيادات –ولأول مرة في تاريخ النقابة- عن اقتراح مرشح من داخل صفوفها، كما دعت صراحة إلى التصويت لصالح ولد شامخ في سابقة مريبة نقابيا وسياسيا.
· التلاعب المكشوف –كما أشار إلى ذلك المرشح المستقل- الذي حصل خلال عملية الاقتراع، خاصة فيما يتعلق ب"ازدواجية الانتماء النقابي" وبموضوع "التفويض".
إنه انتخاب ولد شامخ على رأس أقدم نقابة للتعليم العالي يشكل بحق ناقوس خطر نقابي وأخلاقي وسياسي ، خطر على التعليم العالي وعلى المسار الحالي للإصلاح في البلاد. ألا هل بلغت؟
د. محمد ولد أحمد