المغرب وموريتانيا : رسائل ودلالات

لم يعد خافيا على أحد ما تخطط له بعض الجهات المحلية والإقليمية من تشويش على العلاقات الموريتانية المغربية، فمن الواضح أن هناك أطرافا تستفيد من توترها، وتعمل على ذلك بكل ما أوتيت من قوة، لكن تلك الحملة التي يروج لها بعض وسائل الاعلام الموريتانية والمغربية معا،  لن تجدي نفعا؛ إذ أن الشعبين الموريتاني والمغربي يتحدان في العرق والدين، والتاريخ والجغرافيا، ولا شيء يفرقهما.

لقد ظلت العلاقات الأخوية بين الشعبين صلبة متجذرة قبل قيام الدولة، رغم ما طفا على السطح من محاولات لاختلاق الخلافات بينهما في أكثر من مناسبة وبمختلف الحجج، ودائما ما تنتهي كل تلك المحاولات دون أن يبلغ أصحابها هدفهم المنشود، حيث ينتهي بهم المطاف للفشل، ولا يعدو أصحاب هذه المواقف التي تحاول تأجيج نار الصراع بين الشعبين المورتياني والمغربي الشقيقين، أن يكونوا أعداءا لكلا الطرفين ويعيشان على خلافهما.

وقد امتازت موريتانيا والمملكة المغربية عن غيرهما من الدول العربية بكونهما تتجاوزتا موجة "الربيع الغربي" ـ الذي اجتاح معظم الدول العربية ـ  وذلك بفضل القيادة الرشيدة لكل من الرئيس محمد ولد عبد العزيز والملك محمد السادس، اللذين استطاعا أن يتجاوزا بشعبيهما تلك المرحلة العصيبة، وأثبتا جدارتهما، لهذا ينبغي مد يد التصالح والقضاء على الخلافات وإعادة العلاقات لمجراها الصحيح، وعدم منح الأعداء والمتربصين الفرصة للوقيعة والوشاية بين الأخوة الأشقاء، وكذا تكثيف تبادل الزيارات بين القائدين لمحو آثار كل تلك الشوائب التي تثير الخلافات الخفية و التي يسهر أعداؤهما ويصرون على بقائها موجودة، رغم أن العلاقات المغربة الموريتاينة بخير.

ولا  أدل على ذلك من الوقت الذي منحه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لمواطنيه على غرار ما فعل ملك المغرب، حيث ظهر الرئيس في العاصمة الاقتصادية نواذيبو وهو يسير بين مواطين البسطاء وبدون حراسة رسمية، مثلما ظهر الملك محمد السادس ـ قبل يومين ـ على الشاطئ ينزل من سيارته بملابس صيفية ومن دون حراسة ، وهي رسالة تنم عن المكانة والقدر العظيم من الأمن والثقة الذي يتمتع به هذان الزعيمان؛ حيث يقدمان أكبر دليل على سلامة نهج الاتصال المباشر بين الحاكم والشعب.

ثم إنه من الأدلة على قوة العلاقة بين الشعب الموريتاني والشعب المغربي ما تشهده السفارة المغربية في موريتانيا من ازدحام في صفوف الموريتانيين الراغبين في الذهاب إلى المملكة المغرية لمختلف الأغراض، وكذا ما يحدث في السفارة الموريتانية في المغرب، ومن هذا المنطلق نثمن الجهود القيمة التي يقدمها القائمون على السفارة المغربية في موريتانيا، وما يمتازون به من أريحية وجدية وإخلاص في العمل، كما نطالب ولد عبد العزيز بتعيين سفير جديد لموريتانيا في المملكة المغربية الشقيقة.

إن على الرئيس محمد ولد عبد العزيز، باعتباره رئيس القمة العربية، أن يقضي على جميع الخلافات التي تعكر صفو العلاقات الأخوية بين الدول العربية عامة، وخاصة ما يشاع بين موريتانيا والمملكة المغربية الشقيقة، وكذا دعم الاسقرار والأمن في الدول العربية التي أصبحت ميدانا لصراع الطوائف والحركات الجهادية والتكفيرية، حتى تعود القوة لدول الاتحاد المغاربي، وذلك ما لن يتم دون تكاثف الجهود بين هذين القائدين العظيمين، الملك محمد السادس ورئيس القمة العربية رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، حيث أن هذين الزعيمين مطالبان أكثر من اي وقت مضى بإعادة الاستقرار والأمن في كل من تونس والجزائر وليبيا، وذلك بمختلف الوسائل واستخدام العلاقات الثنائية، ولن تنعم المنطقة العربية بالاستقرار والهدوء ما لم تستطع هذه الدول التي تعاني من الحروب والدمار تجاوز هذه المرحلة الراهنة الخطيرة من تاريخها.

 

محمد سالم ولد هيبه

جمعة, 19/08/2016 - 11:48

          ​