تمكين الشباب.. يريده الرئيس ويرفضه المتنفذون

تميزت الأشهر الماضية بنشاط كبير كان محوره التحضير للانتخابات ثم إجراؤها. وقد بذلت جهود كبيرة لإصلاح الشأن السياسي وتقريب وجهات النظر بين المعارضين والموالين.ولئن كان الاندفاع نحو الطبقة الهشة والمجتمع المنسي ميزا حملة 2009 فإن الالتفات نحو الشباب والطبقة الكادحة طغيا على حملة 2014بدأ هذا التحول بلقاء الرئيس والشباب الذي أتبع بالإعلان عن إنشاء مجلس أعلى للشباب ثم باعتماد حملة وطنية خاصة بهم داعمة للرئيس.وقد أكد محمد ولد عبد العزيز ثقته في الشباب وإيمانه بهم في آخر مهرجان بحملته الرئاسية إذ تعهد بتسليمهم السلطة، وأشاد بهم في لقائه بطاقم الحملة.لكن وسائل الإعلام لم تتعاط مع هذه الرسالة القوية لأن معاقل النفوذ لا تريد لدويها أن يتردد في مراكز صنع القرار.

 

لا جدال أن الرئيس تعهد بتمكين الشباب، وليس سرا أنه يعمل على تجديد الطبقة السياسية الأمر الذي ترتعد له فرائص كثيرين ممن مردوا على النفاق واحْلوْلوْا الفسادَ والتهامَ المال العام، وطاشوا وبطشوا سرا وعلانية.

 

كان على وسائل الإعلام أن تنور المجتمع حول معنى التجديد كي تتحدد الإجابة على الأسئلة الرئيسة من نحو: هل سيكون تجديدا شكليا مقتصرا على الشخوص القائمين على تسيير الشأن العام؟ أم المقصود تجديد التفكير وتطوير الوسائل التي يسوس بها الساسة أمورنا؟لعل تجديد الاثنين معا أكثر حكمة وأسلم نهجا، فمن النادر حِلمُ من شاخ في السفاهة، و من شب على استحلال ممتلكات الدولة واستغلال النفوذ عصيٌ عليه العود لدروس التربية وتلقي التكوينات في حسن التسيير.إنما يترقبه المشهد السياسي هو القطيعة مع أباطرة الحزب الجمهوري والمسرفين على أنفسهم من "عادل"، وزمرة المفسدين في الاتحاد، ليتم التحول للكفاءات الشابة المستقيمة وإفساح المجال أمام أساتذة الجامعات والأطر المنحدرة من الطبقتين الكادحة والوسطى؟

 

طبعا من المهم الإبقاء على الخيرين من السياسيين والإداريين لمنع الارتباك ولتلتقي الحيوية مع التجربة ويسترشد الطموح بالحكمة.لكن هذا الأمل المشروع يصطدم بعدة محاذير أهمها الخوف من أن:1 يتم لانقلاب سرا على حركة الشباب ويورِّث كل مفسد في الطبقة القديمة ابنَه في الجديدة، فتنتقل إدارة البلد من آباء غَذوا بأقوات الفقراء، وطاب لهم دوس الكرامات، وساءت في عهدهم سمعة البلد، وتراجع مؤشر الأخلاق الفاضلة، إلى أبناء نبتت لحومهم من السحت وتعودوا البذل دون إنتاج والعيش بلا حسابدعوت على عمْر، فمات، فسرني*****وجربت أقواما، بكيت على عمْري2، أن يُزج بشبان ضعاف الإرادة قليلي الخبرة معدومي المواهب القيادية ويُعهد لهم بتسيير ملفات فوق طاقتهم، ثم لا يلبثون أشهرا حتى يظهر فشلهم ويشهد بعجزهم القاصي قبل الداني وتتكالب عليهم وسائل الإعلام نقدا وتجريحا.من دعا الناس إلى ذمه ******ذموه بالحق وبالباطلحينها ينهار الحلم وتتحقق أمنية الخصوم بفشل الشباب وتكتمل فرحتهم بسقوط أسطورته وتبدأ رحلة التشفي، لا قدر الله.3 أن يفسح المجال أمام كفاءات فتية وبعد أن تتصدر المشهد السياسي يندس بينها متطفلون مصرون على إفشالها فيتربصون بها الدوائر وينصبون لها الفخاخ لحمل الرئيس على التسليم بأن رهانه على الشباب لم يكن في محله وأن قدر موريتانيا أن تدار بعقلية الماضي وأن ماكينة الفساد لا يمكن أن تتعطل.

 

أخيرا: لا شك أن فخامة الرئيس يعي أن المفسدين بدلوا جلودهم لخداعه وإقناعه بأن صلاحيتهم غير محدودة التاريخ، لكن هواجس الشباب أيضا تظل سائغة ما لم تتخذ إجراءات جادة لتمكينهم والدفع بهم إلى مراكز صنع القرار.

الدكتور/ِ أحمد سالم بن ما يأبى

ثلاثاء, 08/07/2014 - 12:08

          ​