يوم  الـ2 اغسطس 2005 كان العقيد اعل ولد محمد فال نائما في بيته مديرا للأمن الوطني، في انتظار عودة الرئيس ولد الطائع من السعودية حيث كان يحضر مراسيم دفن الملك فهد بن عبد العزيز..

كان كل شيئ يدور في خلد الرجل المدير العام للأمن بدءا بأسعار العقارات وجباية الضرائب على سيارات الأجرة، وحصيلة تأجير الأسواق، وحصص مفوضيات الشرطة في عموم التراب الوطني من "الهبات" التي تصل المدير نهاية كل شهر..

أمران فقط كانا غائبين تماما عن ذهن الرجل أولهما التفكير في الأمن الوطني ووضع استيراتيجية واضحة لدرء خطر الجماعات الإرهابية التي باتت تصول وتجول في موريتانيا، والثاني تولي قيادة البلاد، ولم يكن الاحتمال الأخير ليخطر على قلب ولد محمد فال الذي قتل فيه ولد الطائع الطموح، وحوله من رجل أمن إلى تاجر مشغول بالصفقات وتنمية رأس المال.

في نفس اليوم وعند منتصف الليل أيقظه الرئيس محمد ولد عبد العزيز ورفاقه في المجلس الأعلى للعدالة والديمقراطية، وقادوه إلى القصر الرئاسي ونصبوه رئيسا انتقاليا للدولة..

ولأن الرجل لم يكن يحلم بهذا المجد التي جاءه فجأة فقد فشل في إدارة المرحلة، وتوهم نفسه شيئا فحاول التمديد لمأموريته عبر مشروع "البطاقة البيضاء" المعروف، لكن من أوصلوه للسلطة وقفوا دون التمديد.

بعد الانقلاب على ولد الشيخ عبد الله واتفاق داكار ازدادت أوهام ولد محمد فال واعتقد أنه بات رقما في المعادلة، وتقدم للانتخابات الرئاسية ليجد بعد عناء كبير نسبة لا تتجاوز الـ3%.

اليوم يعود الرجل عبر بيانات وخطابات لم تترك أي صدى، ويتحدث عن الديمقراطية والبلاد والإنقاذ وغيرهما من المفردات الدخيلة على قاموسه السياسي، مستفيدا من أجواء الحرية والانفتاح التي لم تعرفها البلاد من قبل، لكنه لم يستفد بعد من دروس التاريخ القريب جدا، ونسي أنه بات بضاعة بائرة في سوق السياسة بسبب ماضيه القمعي مع ولد الطائع وتجربته الفاشلة في المرحلة الانتقالية، وأدائه المتواضع في انتخابات 2009.

إن كان ولد محمد فال قد نسي كل ذلك فللشعب الموريتاني ذاكرة قوية مازالت تحتفظ في جعبتها بالكثير.

آتلانتيك ميديا