
تشهد الساحة السياسية و الاعلامية والثقافية منذ فترة انعكاسا جليا لبعض الصراعات الخارجية التي تطبع العلاقات الثنائية بين بعض الدول الكبرى، وقد تجلى انعكاس هذه الصراعات هنا في موريتانيا وفي أكثر من موقف ومناسبة حتى ظهر في السياسة و الثقافة والدين.
وقد عرفت بلاد شنقيط منذ أوجها بالعلم والعلماء الذين افتوا ودرسوا العلم في مشارق الأرض ومغاربها ولم يعرف عنهم أنهم وقفوا إلى جانب صف دون الآخر، ولم يؤيدوا طرفا على آخر وهم على ما هم عليه من العلم والورع وفهم الدين.
من هنا نطالب أئمتنا الأجلاء وعلمائنا الفضلاء أن يبينوا الحق للناس بعيدا عن الميولات الشخصية، وتطويع الدين لخدمة الجيوب ، ولا يجعلوا من الدين تجارة، فقبل أن يفتوا في الصراع الذي يحدث بين ايران والسعودية، عليهم أن يقدموا فتوى شاملة عن الأحداث التي تتجدد في سوريا وفلسطين واليمن، فما حدث في اليمن هو ظلم، ولم ينصفوا فيه، فعلى العلماء وذوي الرأي والمكانة والقدوة أن يجعلوا من نصرة موريتانيا هدفا مقدسا قبل كل شيئ، ولا تحيلهم الأطماع وحب التقرب لذوي الجاه و السلطان أن يقحموا موريتانيا في صراعات طائفية عالمية، لا تقدم ولا تؤخر، وأن ينتهجوا في ذلك الطريق الوسط وما كان عليه السلف الصالح من أهل هذه البلاد.
ثم إن موريتانيا الآن تترأس الجامعة العربية ولا يمكن أن تقدم دولة على اخرى إنما تقف من الجميع موقف الحياد وإنما تساند وتؤيد كل الدول حسب الظرفية التي تسود في تلك الدولة.
وجدير بنا أبناء هذا الوطن من علماء وكتاب وصحفيين ونخبة سياسية أن نجعل مصلحة موريتانيا أولا وقبل كل شيئ ، وأن نسهر على خدمة هذا الوطن وخدمة وحدته وحكومته بعيدا عن التجاذبات الطائفية والدينية والسياسية التي يعيشها العالم والتي تتغذى على الدين والسياسية والدبلوماسية، حيث أننا في موريتانيا نقف موقفا حياديا من الصراع القائم بين المملكة العربية السعودية و الجمهورية الايرانية الشيعية، ونعترف لكل منهما بمكانته، ونعترف للعلماء بمكانتهم، لكننا نسير وفق خط حيادي من الجميع، لا نفضل أحدهم على الآخر ولا نسانده، كما أن دولتنا تقف موقف الحياد من هذه الصراعات ومن جميع الصراعات التي تحدث في العالم، وذلك ما على النخبة من المثقفين والعلماء والسياسيين والاعلاميين أن ينتهجوه، ليقفوا في صف موريتانيا فقط.
اتلانتيك ميديا