لا يختلف اثنان أن الصحافة المستقلة بجميع أنواعها وعلى علاتها كانت سباقة إلى إثارة قضايا جريئة والتنبيه إلى اختلالات ومشاكل يعج بها المجتمع .كما كانت متنفسا للكثيرين ممن عانوا من ضياع حقوقهم أو انتهاكها ، و ساهمت في تعريف المواطن بوطنه ونبهت إلى بعض السلوكيات أو المواقف الملتبسة لبعض الأفراد والمؤسسات .
إلا أن الطريقة التي تتعاطى بها السلطات والإهمال الممنهج اتجاه هذه الصحافة والإعلام تثير الكثير من التساؤلات حول جدية السلطات فى ايجاد إعلام مهني مستقل
ويلقى بعض المهتمين باللوم على الإعلام نفسه مذكرا أنه ليس الغرض من وجود صحافة حرة في أي مجتمع هو الاكتفاء بنقل الخبر للمواطن وتزويده بالمعلومات المتنوعة من عالم السياسة الفن والثقافة، بل إن وجود صحافة حرة تعنى بانتقاء الأخبار الضرورية، بالإضافة إلى تحليلات المتخصصين وآرائهم ، من شأنه أن يسهم في تشكيل رأي عام واع قادر على اتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظات المطلوبة
لقد نجحت الصحافة ‘المستقلة الموريتانية منذ إنشائها وحتى الآن فى تذليل العوائق البنيوية التي ارتسمت أمامها ونجحت كذلك في كسب العديد من الرهانات و في رفع منسوب الحرية لمناقشة العديد من القضايا ، وفي التعريف بمجموعة من الظواهر السياسية والمجتمعية التي كانت مغيبة عن التداول العمومي، بل وفي فرض بعض الأولويات على الأجندة السياسية للمسؤولين في بعض الأحيان، كما ساهمت في إثراء النقاش ولو بشكل غير مباشر بين القوى السياسية المختلفة فكريا وجسدت في مواكبتها الإعلامية جزءا معتبرا من التعددية الموريتانية في ظل احتكار وسائل الإعلام العمومية من طرف السلطة الحاكمة.
وتتزايد اليوم أكثر من أي وقت مضي ضرورة تشجيع المحاولات الإعلامية الحرة، وتغذية روح التنافس المبدع بينها، ودفع المشهد الإعلامي إلى المزيد من الانفتاح والمهنية في أفق تطوير منتوج إعلامي متنوع يغري القارئ بالمتابعة ويدفع نحو تشكيل جبهة عريضة من القراء قادرة على فهم جزء من مشاكل هذا البلد وبلورة اختيارات معينة على أساس فهم سليم..
و عليه فإنه من واجب الصحافة الموريتانية أن تنخرط في مقاومة الفساد وفي نشر قيم الديموقراطية وترسيخ ثقافة احترام حقوق الإنسان والإيمان بالتعددية والقبول بالآخر ونبذ روح الإقصاء والتعصب للرأي والتعريف بالظواهر السياسية والاجتماعية الموجودة وتحليلها
إن انتشار المنابر الإعلامية المستقلة وتزايدها في ظل القنوات والإذاعات الحرة هو ظاهرة صحية شريطة أن تتقاطع مع حاجة المجتمع إلى تنمية روح الاطلاع والمتابعة الإعلامية للأحداث السياسية والتنموية ببلادنا وتجميع المعطيات من مصادر موثوق من صحتها
وفى الحقيقة تحتاج الصحافة الحرة فى موريتانيا إلى وقفة تأمل فهي الان تعانى موتا سريريا بفعل أهمال الدولة لها وعدم تخصيص موارد مالية للنهوض بها وترقيتها واقتطاع مخصصاتها المالية مما يهدد العاملين فى هذا القطاع بقطع أرزاقهم ويهدد استمرارية الصحافة نفسها
لمرابط ولد اجدود