في ظل المتغيرات الكثيرة التي خضع لها المجتمع وتركت أثرها الواضح على العديد من المفاهيم تحولت الرشوة مع مرور الوقت من عمل سري مخجل إلى عمل علني تم قبوله كأمر واقع يتم التباهي به في كثير من الحالات.
وكأنما نعطي هذا الفعل براءة ذمة تحرر مرتكبه من تأنيب الضمير إضافة إلى تكريسه كعرف مقبول لدى العامة لدرجة أننا أصبحنا معتادين على رؤية.
الشرطي يرتشي من السائق لطي ضبط مخالفة وطبيب يرتشي ويتاجر بمهنته ومسؤول يرتشي ويتكسب من منصبه وموظف يرتشي ويعطل معاملات الناس وقضاة يرتشون فيحكمون بغير الحق وفي السجون مظاليم بسبب أحكامهم.
بل أصبح من المستغرب أن يذهب مواطن عادي إلى أي مصلحة ويقضي حاجته دون تأخير مقصود أو عرقلة أو إعاقة أو مطالبة واضحة بالدفع كل شيء أصبح ممكنا وجائزا وكل مواطن صار بحاجة لمن يدعمه كيلا يضيع حقه.
وهكذا يحاول قسم لا بأس به من الناس أن يوجد تبريرات لفعل الرشوة ويواجهك بسؤال الاستغراب لماذا لا نرتشي؟
عندما يكافأ الفاسد بمنصب أعلى وعندما لا يراعى في الترتيب الوظيفي شروط التعيين وعندما يستمر مسؤول بمنصبه أعواما وأمام الرقابة تعلو مخالفاته وعندما يقضي موظف عمره حالما أوقية إضافي على راتبه المشنوق أول كل شهر والقائمة لا تنتهي.
وعلى الرغم من وجود قوانين وأحكام مشددة تطال الراشي والمرتشي إلا أننا نرى دوام واستمرار بل تصاعد هذه الممارسة ليس بسبب التساهل القانوني ولكن بسبب الخلل والانحراف الذي أصاب النظام القيمي والعرفي للمجتمع من قبل الأفراد بحيث لم تعد الرشوة فعلا معيبا ومستنكرا اجتماعيا.
ولربما اعتاد الناس لكثرة ترديد المفردات المحيلة على واقعية هذه الظاهرة على استساغتها وتقبلها على علاتها وكارثيتها في حين أن مجتمع تعم فيه الرشوة سيصبح فيه الغش والخداع والسوء والمطامع الباطلة طريقا للتعامل بين أهله....!
طابت اوقاتكم
المدون وناشط شبابي اعل الشيخ ولد ابومدين