العزلة والبحر!/خالد لفضل

 عندما سكب الغروب اصفراره داخل مرايا الأفق الممتلئة بالأمواج،كنت أنا أجلس القرفصاء على رمال الشاطئ في حيرة من أمري،الحياة تبدو لي معقدة والعقل فيها يسلك طرائق قددا بحثا عن حقيقة تبدو كشظايا الزجاج المكسور،ففي كل جهة توجد منها قطعة،وجمع تلك الشظايا يحتاج علما وصبرا.
لقد علمتني العزلة أن ضجيج الأشياء الذي نسمعه من حولنا بنشوة ونحسبه صرحا لامعا من الأمجاد خافت جدا وآيل لا محالة للنسيان،إن المجد الحقيقي والسرمدي هو أن نصنع جسرا مع الله قوامه الإخلاص والعمل بما ينفعالحياة،هكذا حدثني تلك السمكة الصغيرة التي أخرجناها لليابسة وهي تطارد بخياشيمها ذرات الحياة المتبقية،كأنها تلقنني دعاء يونس في بطن الحوت،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين،البحر من أمامي يبدو مظلما وموحشا رغم أن أعماقه تعج بالحياة،وأضواء العاصمة من ورائي تومض من بعيد،تعج هي الأخرى بالأحياء وهم يتنفسون ويضحكون ويتكلمون لكنني لا أسمع ضجيجهم البعيد....
يقول داوود الرجل الطيب الذي بلغ من التجارب عتيا،إن غرائزنا مداد من الرغبات لا يجف إلا إذا عرضناه لنور الصبر،الصبر هو البوابة الكبيرة التي تمكننا من الدخول إلى فضاء رحب من اليقين والسكينة،وبشر الصابرين..
البحر يعلمنا الصبر والتحدي والتأمل والفلك التي تجري في البحر،مراكب الصياديين التقلديين لا أرى لها أثرا في الأفق القريب،ربما السفن الأوروبية والصينية تصطاد الحيتان هناك في الظلام دون رقيب،لا أدري لماذا نستورد علب السردين ولدينا شاطئ يمتد حوالي سبعمائة كيلومتر تقريبا،ولا أدري أيضا لماذا العاصمة من ورائي تكتظ بالفقراء،وهي مطوقة بالأسماك والذهب وسهول شمامه الخصبة.....
كان علي أن أكون بحارا وأمخر عباب هذه الأمواج مثل كريستوف كولمبس،ربما أكتشف قارة جديدة أو أعثر على حورية بحر جميلة تشبه صاحبة الشجرة التي خطفها مني أحد تجار الجملة وتركني أكتب قصائد الحب بقلم صنع حبره من الخيبات....
هنا شواطئ المحيط الأطلسي(gureyba club )،حيث الأمواج والرياح والظلام والهدوء يخيمان على المكان،لا لصوص هنا،وإن جاءوا سأدعوهم للحوار،فلست مسلحا ولا أجيد فنون القتال والكاريتى ولست مستعدا للكدمات وتلقي بعض الطعنات،لأنني إذا مارست حق الدفاع عن النفس قد أدخل سجن دار النعيم بتهمة حيازة السلاح الأبيض وأقضي بضعة شهور هناك،أكثر مما قد يقضيه سارقوا أو سارقي المال العام إن صح التعبير.....الساعة 21:30 ليلتكم سعيدة

جمعة, 23/09/2016 - 08:47

          ​