البؤس المتداعي

هنالك وبعيدا عن العاصمة وبعوضها عن انواكشوط السابحة فوق المياه اﻵسنة هنالك بعيدا عن كل تلك المنغصات وفي جو يملي على اﻻنسان أن يعيش السعادة وفي لحظات يطبعها الهدوء ايقظني ذالك الصوت القادم من بعد وكأنه يترصدني ﻻ يريد لي أن انعم بخلوتي مع احﻻمي وهروبي عن تلك المشوشات ﻻ بد أنه يقصدني بالذات دون غيري انه صوت قادم من مذياع راع انهكته الوحدة وألف "شنشنات" مذياعه وهديره وهو يتنقل بين محطات العالم كل همه أن يصادف ما يمﻷ به عالمه الروتيني الفسيح.
ايقظتني اصوات خشنة وحشرجات وزغاريد في أول اﻷمر خلت اننا حررنا القدس أو أننا استعدنا اﻷندلس لم تمهلني اﻷخبار وقتا طويﻻ ﻷعرف ان تلك اﻷصوات "المزعجة" ليست سوى تغطية كرنفالية لمداخﻻت مؤيدين للحوار "الشامل" الذي أعلن عنه الرئيس وقد كان صوت الرئيس وهو يعطي اشارة انطﻻقة الحوار الذي سيغير بؤس هذا الوطن المنكوب كان كفيﻻ بأن يعيدني الى العاصمة وجوها القاتم وأن يقتلعني من هذا الجو الخريفي الساحر غب نزول المطر وقد أخذ وجه اﻷرض فيه لونه الذهبي و علت التﻻل حمرة الجمال.
تحدث الجنرال عن دولة -ربما ليست هي التي نعرف- تحدث عن حوار مثالي سيكون العصى السحرية لتحويل كل هذا البؤس الى نعيم حوار مثالي سيعيد لهذه البﻻد تألقها وهو بطبيعة الحال حوار "بمن حضر" حوار مع المعارضة المسؤولة وتعجبت من معارضة تملك ادنى ذرة من المسؤلية تقبل أن تدخل في لعبة "التوريث" أو "اﻻستمرارية" التي توضع لمساتها اﻷخيرة خلف الكواليس وليس الحوار مع ما صاحبه من زخم سوى ستارة رقيقة وشفافة لتلك العملية الخبيثة وبمباركة من جوقة من "الطامحين".
عجبت من التقدم الذي يتحدث عنه الجنرال ونحن نعيش مآسي ﻻ حصر لها وطن تحيط به المياه وتحتل كل مكان حتى المدارس والمستشفيات بل ثكنات الجيش ومقرات الحماية المدنية لم تسلم من الغزو الكاسح الذي شنته مياه اﻷمطار.
عجبت من معارضة مسؤولة تساوم على مطامح ومطامع شخصية تعوض بها عن "شيخوختها" تبيع من أجل ذالك الوطن و تحرق اﻷمل بغد ينجلي فيه ليل العسكر ومن وﻻهم.
ويواصل المذياع هديره ويتولى المتدخلون المثنون على الحوار حتى قبل أن ينطلق انها تقريبا نفس اﻷصوات المبحوحة التي مجدت حزب الشعب ونفس اﻷصوات التي رحبت بأول انقﻻب عسكري نفس اﻷصوات التي مجدت كل عسكري انقلب على زميله في الخدمة نفس اﻷصوات التي غنت "معاوية الخير" و"الخير جان بمجيكم" نفس اﻷصوات التي غنت للمجلس العسكري وغنت لسيدي و هي نفس اﻷصوات التي مازالت تمارس نفس المهمة مهمة "يعيش الرئيس" بل يعيش كل من انقلب على السلطة وتمكن من حكم هذا المنكوب انها اصوات النفاق والتطبيل.
على الجانب اﻵخر ليست الحال احسن بكثير رغم التهديدات المتكررة و لعل الصراعات "البينية" هي ما يقف حائﻻ بين معارضتنا وما تصبو اليه من تغير.
إن الظرفية الحرجة التي يعيشها وطننا اليوم تحتاج مواقف حازمة وتضحيات جسام تحتاج تضافر الجهود من طرف الخيرين من ابناء هذا الوطن حفاظا عليه و وقوفا أمام اﻻعيب المغرضين الذين يريدونها "ملكا عضوضا" تساس فيه الجموع بالعصى ويلوح لنخبه بالجزرة وتغيب فيه الرؤية ويحجر فيه على التعبير.
اننا أمام مفترق طرق فاما ان نحافظ على بقايا هذا الوطن أو ان نسلمها سهلة وعلى طبق من "تصفيق" لمطامح المتسلطين و "المتجبرين" بغير حق.

 

محمد من ولد محمودا
 

أربعاء, 05/10/2016 - 08:50

          ​