
الممتلكات العامة برمتها مُلك للجميع (ومن يفهم غير ذلك فهو لا يفهم) وسواء كانت هذه الممتلكات خاضعة تحت مظلة المؤسسات العامة أو خارجها تظل - أينما وجدت - رهن حاجة الجميع أينما كانوا وفي أي زمان.. فوجودها مرتبط بوجود الإنسان أيا كانت مكانته.. ونعني بالممتلكات العامة كل شيء يدخل في حسابات الدولة - أو بعبارة أخرى المال العام الذي ليس مملوكا لأحد ملكا خاصا والذي يستفيد منه المجتمع بأكمله - ومنها المرافق العامة والمؤسسات والمساجد والمدارس والمستشفيات والطرق الخ. هذه الممتلكات وجدت لأجلنا فحسب - وهي أمانة في أعناقنا - أيا كانت مكانتنا الوظيفية أو الاجتماعية.. وإذا كان الله سبحانه وتعالى حرَّم الاعتداء على مال الغير بأي نوع من العدوان وجعله ظلما كظلمات يوم القيامة ووضع له عقوبات دنيوية بما يتناسب وحجم الاعتداء وأهميته فإنه حرَّم علينا الاعتداء على الممتلكات العامة التي ليس لها مالك معيّن.. ومن هنا كان لزاما علينا المحافظة عليها والتعاطي معها كالتعاطي مع ممتلكاتنا الخاصة تماما - لأنها الأخرى تعتبر أيضا من ممتلكاتنا العامة.
والمحافظة على الممتلكات العامة ليس شعارا نرفعه أو كلاما نردده.. فالمسألة أكبر من الشعارات والعبارات.. فهي إحساس وعمل صادقان نابعان من القلب تجاه كل شيء تحت الشمس سواء كان هذا الشيء موجودا هنا أو هناك.. والشعور بقيمة الممتلكات العامة والمحافظة عليها سمة من سمات المجتمعات المتحضرة.
ولو ألقينا نظرة عامة على بعض الممتلكات - التي منّ الله علينا بها في بلادنا وجدنا الكثير من الانتهاكات التي ترتكب في حقها دون مبرر.. فعندما تزور مثلا بعض المؤسسات العمومية أو المدارس أو المرافق العامة الاخري تجد الكثير من التشوهات التي تملأ المكان وكأن هذه الممتلكات لا تعني احد .
هل رأيت - مثلا حالة حافلات النقل والفصول ودورات المياه وباحاتها.. وهل رأيت أيضا كيف تبدو أبنية بعض المؤسسات العامة ومكاتبها وأجهزتها وأثاثها ومركباتها وغيرها؟.
هذا الحال ليس في محيط مدينتك فحسب بل تصادفه أينما وجهت وجهك في بلادنا .
البعض يرى أن هذه التصرفات والانتهاكات تجاه الممتلكات العامة تنشأ مع طبيعة البيئة التي تحيط بهذا أو ذاك .. فإذا كانت هذه البيئة نظيفة وجميلة فسيكون لها واقع الأثر في تصرفاته تجاهها.. والبعض الآخر يرجع هذه التصرفات إلى قصور نوعي في الوعي وأساليب التربية و التعليم التي يتقاسمها البيت والمدرسة ويستوعبها الشارع. وهناك من يلقي باللائمة على المعنيين في المؤسسات الحكومية وكل جهة لها علاقة بالحفاظ على الممتلكات العامة وصيانتها.
لسنا بصدد تحديد المسئول.. فالكل هنا مسئول.. لكن ما يهمنا هنا هو معرفة كيف نحافظ على هذه الممتلكات وكيف نتعاطى معها.. في محاولة منا للتعرف على بعض المسببات التي ساهمت وتساهم بشكل دائم في التعجيل من صلاحية الكثير من الآليات والأجهزة و المرافق العمومية التي تخضع تحت مظلة الملكية العامة.
والبعض من الناس لا يقدرون قيمة الممتلكات العامة.. ولهذا نجدهم يتعاطون معها دون مبالاة.. والمشاهد كثيرة التي تؤكد هذا التوجه الخاطئ من قبل البعض.. ولهذا نحن بحاجة إلى برامج تثقيفية وتوعوية تساهم في زيادة وعي المجتمع وتعرفه بأهمية الممتلكات العامة وماذا تعني له ولغيره.
ومن المؤسف جدا أن بعض العاملين في القطاع العام يحملون نظرة خاطئة تجاه ممتلكات المؤسسات العامة باعتبارها الجانب الأقوى في تمويل صيانة أجهزتها وآلياتها بصفة دورية ولهذا تجدهم لا يعتنون بهذه الممتلكات مرددين في داخلهم مقولة (حلال عمك لا يهمك) ولهذا السبب تحديدا نجد الكثير من الممتلكات العامة أيضا تبدو في أرذلها نتيجة الإهمال وفقدان الوعي.
ويجب أن يكون لدى المؤسسات العامة برامج وآليات تستطيع من خلالها المحافظة على ممتلكاتها من العبث والإهمال و هنا أشير الي ضرورة إيجاد ادارة عامة لصيانة المرافق العمومية فقد فشلت مقاربة تبعية الصيانة لقطاع داخل كل وزارة و هذا مكلف جدا ماديا و معنويا