من الأيام المشهودة في تاريخ منطقتنا يوم ''المدروم'' الذي جرت أحداثه منتصف رمضان سنة 1324هــ، وأعني بالمدروم هنا ذلك الواقع غرب مدينة المذرذرة على الطريق الرابط بينها وبين تكند، والذي كان قد وقف فيه الشاعر جذلان نفس كأنما وقف على ليلاه فيه وميه، والذي طار ذكره إلى حلب الشهباء – أعاد الله لها العافية – فجرى على ألسنة شعرائها مجاراة لتلك الأبيات :
فيا شاعر المدروم أيه على الحِمى °° ويا شاعر الشهباء للتِّربِ أيهِ
لقد استبسل في يوم المدروم الأمير أحمدسالم ول ابراهيم السالم رفقة عدد قليل من الفرسان في مواجهة ردوا فيها الغزاة على أعقابهم منهزمين واسترجعوا الأسلاب من أيديهم :
وليسَ يدري المرءُ ما المآلُ °° وهل إِضًا أمامهُ أمْ آلُ
وقد عفا الأمير أحمد سالم عند المقدرة عن أحد القادة المُعتدين، حقناً لدم من يمُت بصلة للجناب النبوي الشريف، وما نال بذلك إلا قدراً على قدره حيث ذهب بعدها بقليل إلى "الداخلة" في مهمة رجع منها سالماً غانماً، وصارت مضرب المثل في الظفر والنجاح ...
وأفتى العلامة محمدفال بن محمذن (ببَّها) بمجلسه القوم بجواز الفطر فأبى الأمير وجماعة معه إلا مواصلة صومهم إكمالا لتلك الملحمة الخالدة.
وفي ذلك المجلس الذي امتزجت فيه البطولة بالمعارف أبى الأدب إلا أن يُضرب له بسهم، فقد حضر المجلسَ الأديبُ الكبير أحمدو ولد انكذي ''اِبِّيهْ'' مُنشداً الأمير والفرسان مِدحته الحماسيه الرائعة التي يقول في أولها :
يَوم المَدرومْ اِعلِيكْ ازيَانْ °° فِعلَكْ يالنَّزِيهْ السِّلطَان
اتلِبتْ المِتَينْ ابْلامَانْ °° اُسِيڭِـتـهَ ما تُمَـلَّصْ
وِنْتَ تالِبْ بَعشَرْ فِـرسانْ °° اُرِجلِيكْ اخمِسطَعش امڭصَّصْ
اُجِبتْ الفَيـْـدِيهِمْ والظمَّانْ °° يَالِيكْ اِلهُمْ كَـتلَكْ مَا خَصْ
اُعَاد المَجُبُورْ امْنْ الشانْ °° ألَّا شِ مِنْ شورَكْ يمتَصْ
وفي أعقاب هذه الوقعة قال امحمد ول أحمد يورَ قطعته الابتهالية الاستسقائية الشهيرة :
نحنُ العِيالُ وفينا تنزلُ البركــــهْ °° لا نستطيع سُكونا لا ولا حـركهْ
نحن العيال وريب الدهر يعركـــنا °° عَرْك الأديم ولا يرثي لمن عركـهْ
يا رب فالطف بنا إذ كاد تأخــذنا °° من هائلات حبال الأزمة الشرَكهْ
فامنن بغيث على ''المَدرُومِ'' يتركـــهُ °° غضَّ المسارح والمغبُون من تركـهْ
يا ربِّ صلِّ على المخصوص من مُـــــضر ٍ °° برُتبــــةٍ ومزايا غير مُشـــــتركـــهْ
وتجدر الإشارة إلى أن بالمدروم مدفن كبير مَزور فيه الصالحون والعلماء والرؤساء.
من صفحة الباحث :Ezzedine Ahmed Youra