
أمي لماذا تركتيني؟
سؤال من طفلة لا يتجاوز عمرها 8 سنوات على الأكثر , حيّرني واستوقفني وأنا أسير على أطراف أصابع قدميّ بين المقابر
ذات صباح في وقت مبكر لم أكن أعتقد أن أحدا سبقني فيه لهذا المكان الموحش..
تسمرتْ قدماي...أحسستُ بقشعريرة سرَتْ في كامل جسمي..
لم أصدق نفسي في البداية ...
قلت : ربما مجرد خيال..أو توهم ,ثم مضيت..
أكملتُ طريقي ...زرتُ قرابتي وكلَّ من أعرفهم ..وكلّ مَن مررت بهم ورحلوا عن دنيانا , وكانوا بالامس القريب بيننا..استغفرتُ لهم...ترحمت عليهم....
وعدت من حيث أتيت..
ما تزال الطفلة تنتحب ..تبكي بكاء مرا...تناجي حجارة صماء وكأنها تحدث شخصا تراه وتسمع كلامه...
أمي...أمي....هل تدرين ما ذا حل بي بعدك؟
بالتأكيد تعلمين كل شيء...فأنت لم تفارقيني منذ رحلتِ وتركتيني..
أراك معي ...أحس بأنفاسك ....أستنشق رائحتك...أشعر بدفء أحضانك...تكفكفين دموعي.....أراك حين تغمزين لي بعينك إن فعلتُ فعلا غير مناسب....أحس بأناملك وانت تمشطين شعري كما كنت تفعلين دائما..
أمي......لقد ذقتُ بعدك من صنوف العذاب على يد زوجة أبي ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر..
أتعلمين يا أمي أنني لم أعد أستطيع النطق باسمك أمامها لأنها تكرهك..وتكرهني لأجلك...
أبي ايضا صار يضربني من أجلها بدون سبب ...
أحبك يا أمي...خذيني معك...لا أريد العودة للبيت..لا اريد...لا..لا..لا أريد...
لم أشأ أن أقطع عليها لذة مناجاتها لأمها والاستئناس بالحديث معها....
تنحيتُ جانبا....وكنت أرقب المشهد عن قرب...ثم تركت لدموعي حرية الانسياب بغزارة....
كان الله في عونك...يا رمز البراءة والحب....
بقلم/ محمد محمود محمد الامين