ظلام دامس وطريق أطرافها متآكلة،وأضواء السيارات المنحدرة من التلال الشاهقة تكاد تذكرني بليلة قديمة تزوج فيها أبي وأمي،حيث صنعوا ضياء الفرح فيها من جذوع شجر السيال(الطلح) المتقدة وضربات الدف.يقال إن أصدقاء أبي ذهبوا لمكان العرس وهم يركبون على الجمال والخيول،حيث كان من ضمن المهر عدة "بيصات" من أجود أنواع القماش.بيت القصيد،أنني في هذه الليلة المظلمة التي لم يتوقف فيها الحوار بين الخوف والرجاء على طريق الأمل،العب دور "صاحب العريس" وهو دور لطالما لعبته منذ اندلاع الربيع العربي وظهور الألعاب النارية في الأفراح،لقد مللت لعب هذا الدور بكل تأكيد،وبت متشوقا للعب دور البطولة والوقوع في أسر حمامة ما،لا أسمع لها الآن تغريدا في قلبي،قلبي الذي تحول في زمن الأندرويد إلى غابة تكتظ بزقزقة العصافير الإفتراضية،يقول أحد الخبراء الاقتصاديين أنه لكي يكون الزواج آمنا ومريحا،عليك أن تبني منزلا في مكان ما،لأن الكراء بات صعبا مثل تدبير المهر وإحصاء أيام الفترة الإنتقالية بين قراءة الفاتحة وخروج العروس من بيت أهلها بشكل علني،غير أن عملية بناء المنزل قد تتطلب سنينا عديدة قد تحترق فيها مراكب المشاعر..
الذين لديهم نوايا مبيتة للطلاق،يرون الزواج بسيطا ولا يتطلب كل هذا التخطيط والتريث،ذات مرة رأيت امرأة فقيرة لديها سبع بنات تفرقت دمائهم بين المدرسين والجنود والتجار ومجهولي العمل،تعاقبوا عليها ورحلوا.
الزواج مثل بناء الوطن،يحتاج ضميرا وقلبا يشتعل حبا...
يبدو أن العروس في موريتانيا صارت تلتحف البياض بدل السواد والبياض قليل حمل للدنس،أسلافنا كانوا حكماء في هذه عندما اختاروا السواد لباسا للعروس،لأنه كان يذكرهم بليل حزين كان ولازال مدفونا في هذه الأرض منذ قرون خلت..
هنا طريق الأمل جهة واد الناكة في الطريق إلى أحد كهوف تفرغ زينة،أنصح العانسات بوضع سماعة الرأس ريثما نعبر غابة الإسمنت المسماة نواكشوط،ورجائي من السائقين الذين يعبرون طريق الأمل تخفيف السرعة لأن النفس أمانة،اعتذر عن الأخطاء الواردة في النص لأنني كتبه على عجل داخل السيارة..
أقول قولي هذا وأستغفر لي ولكم...