
بعدما دمره تحطم الطائرة في كولومبيا، يبدأ نادي تشابيكوينسي البرازيلي المفجوع إعادة بنائه من نقطة الصفر. ويبحث النادي المحبط عن حشد كل طاقته لاستئناف المنافسات الرياضية في غضون شهرين.
وسط كل هذا الحظ العاثر، منح اتحاد كرة القدم في اميركا الجنوبية (كونميبول) لقب «كوبا سودا أميريكانا» لنادي تشابيكوينسي، «مع كل الامتيازات الرياضية والاقتصادية المترتبة على ذلك». وخسر النادي 50 شخصا من أعضائه في تحطم الطائرة التي كانت تقلهم للمشاركة في ذهاب الدور النهائي ضد أتلتيكو ناسيونال ميديين الكولومبي الاسبوع الماضي. والى جانب المبلغ المخصص للبطل، والبالغ 3.9 مليون دولار، سيشكل هذا القرار الرمزي دفعا للتشكيلة المشاركة في كاس ليبرتادوريس (المسابقة الاولى في اميركا الجنوبية).
وحيا رئيس النادي ايفان توتزو «القرار العادل» وشكر الاتحاد على «التقدير الجميل». لكن النادي ينتظره الكثير من العمل. ملحمة تشابيكوينسي انكسرت ليل 28-29 تشرين الثاني/ نوفمبر فوق الجبال الكولومبية. بعد عقود من اللعب على الهامش، كان النادي الذي تأسس قبل 43 عاما في طريقه لخوض نهائي قاري تاريخي امام اتلتيكو ناسيونال. ويلخص توتزو: «فقدنا تقريبا كل شيء… يتعين علينا الانطلاق من نقطة الصفر». وبعد يوم من الحادث، تعين عليه تسيير النادي بعدما رفع شأنه مع الرئيس الراحل في الحادث ساندرو بالاورو. وبدءا من هذا الاسبوع «سنبدأ بسؤال انفسنا: لماذا لا نملك 11 لاعبا؟ سنكون بحاجة لمساعدة كل الاندية وخصوصا الاتحاد البرازيلي لكرة القدم وغلوبو (التلفزيون مالك الحقوق)».
بعد المأساة، تدفقت رسائل الدعم والوعد بالمساعدات من العالم أجمع. في أقل من يومين، تم ارسال 13 الف طلب انتساب إلى «فيرداو» (الفريق الاخضر) الذي لم يكن يملك قبل الحادث سوى 9 آلاف منتسب. وفي البرازيل، أعلنت اندية مثل بالميراس حامل لقب الدوري، وفلوميننسي وبوتافوغو، استعدادهم لاعارة بعض اللاعبين إلى تشابيكوينسي لخوض موسم 2017 من دون مقابل. كما طالبوا الاتحاد البرازيلي بعدم اسقاط الفريق إلى الدرجة الثانية في السنوات الثلاث المقبلة، كي يتيحوا له النهوض من تحت الرماد. وبدأ اسم رونالدينيو، نجم المنتخب السابق، بالسريان على مواقع التواصل الاجتماعي، للانضمام إلى صفوف «تشابي». وأكد زميله السابق في برشلونة، المهاجم الايسلندي آيدور غديونسون أكد انه سيلعب «مع تشابيكوينسي» اذا كان له مكان في تشكيلته. ورغم المأساة، فان عجلة الدوري البرازيلي ستستمر بالدوران. وسيبدأ النادي بخوض سباق ضد الساعة، لبناء فريق كامل في أقل من شهرين. ويتمثل التحدي بلاعبيه الاساسيين والاحتياطيين، بعد فقدان 19 من لاعبيه خلال الحادث المشؤوم. وبداية، سيعول النادي على عشرة من لاعبيه لم يكونوا في عداد ركاب رحلة ميديين ومن فريق الشباب. لكن العدو الاكبر يبقى النسيان، يقول جيلبرتو ايسشير (46 عاما)، وهو بائع تواجد في الملعب لتكريم اللاعبين.
وإعادة البناء المؤلمة قد تستغرق عدة سنوات. هكذا كان الحال مع تورينو، بطل ايطاليا منتصف القرن الماضي. في 4 ايار/ مايو 1949، تحطمت طائرة تقل الفريق على هضبة في شمال البلاد. توفي جميع ركابها، بينهم 18 لاعبا. استغرق الامر نحو 30 سنة ليحرز الفريق لقبا اضافيا. واستغرق مانشستر يونايتد الانكليزي نحو عقد من الزمن، للتفوق في بطولة اوروبية بعد كارثة ميونيخ: في 6 شباط/ فبراير 1958، كان 8 من اعضاء بطل انكلترا من بين الضحايا الـ23 لحادث خلال اقلاع طائرتهم في المانيا.
وبعد نحو 6 عقود، لا يزال ملعب «أولد ترافورد» يكرم ضحاياه كل يوم في السادس من شباط/ فبراير. وفي جنوب البرازيل، وحده الوقت يمكنه ايضاح افق تشابيكوينسي. ويعد غليسون لوراسشي، مهندس معماري بعمر الثلاثين، وهو يودع ابطاله: «ما حصل للفريق لا يصدق. نبكي الآن الاشخاص، لكن النادي سينهض ويصبح اقوى من قبل». ويؤكد: «سأستمر بالقدوم لمشاهدة كل مباراة، لكن الآن مع مزيد من العاطفة والرغبة في المساعدة أكثر من أي وقت مضى».