بمناسبة الذكرى العطرة لغزوة بدر الكبرى والتي تصادف السابع عشر من شهر رمضان المبارك ، نظمت الأمانة التنفيذية المكلفة بالشؤون الإسلامية بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية ندوة هامة ليلة البارحة بفندق الخاطر وسط العاصمة انواكشوط تحت عنوان "الوحدة الوطنية والتعايش السلمي".
وكانت بداية الندوة بتلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم مع فضيلة الشيخ : عباس جابي ثم بكلمة لرئيس الحزب الدكتور : إسلكُ ولد احمد إزيد بيه هنأ خلالها كافة مناضلي الحزب بهذه الذكرى العظيمة في نفوس المؤمنين ، مؤكدا على أن الندوة فضلا عن كونها تخليدا لذكرى غزوة بدر الكبرى ، فإنها تستخدم رمزيتها وقدسيتها لتتنزل في مسار تأكيد الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز للوحدة الوطنية ، وهو ما عبر عنه سيادته خلال كلمة الشكر التي وجهها للطواقم التي شاركت في الحملة الرئاسية مشددا على أن محور تدعيم وتقوية الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي سيشكل ورشة هامة من ورشات المأمورية الرئاسية الجديدة، كما شكر رئيس الحزب الأمانة التنفيذية المكلفة بالشؤون الإسلامية على هذه المبادرة وأكد لهم أن قيادة الحزب ستدعم بشكل دائم هذا النوع من المبادرات معلنا افتتاح هذه الندوة المنظمة تحت عنوان "الوحدة الوطنية والتعايش السلمي".
وقد شملت هذه الندوة محورين هما : أولا ــ "الوحدة الوطنية والتعايش السلمي" مع الشيخ : بون عمرلي وتمت ترجمته للغة الفرنسية مع الدكتور : بلال ولد حمزة وعقب عليه الدكتور : الشيخ ولد الزين . أما المحور الثاني : "التعايش السلمي بين فئات المجتمع عبر تاريخ البلاد" مع الشيخ : دودُ ولد متالي وعقب عليه كل من الوزيرة : البطريقة منت كابر، والدكتور: سيدي ولد محمد فال .
بعد ذلك قام مدير الندوة الأمين التنفيذي الشيخ : بوميه ولد أبياه بأحالة الكلام الى الأمين التنفيذي المكلف بالشؤون الإسلامية الشيخ : بونا عمر لي الذي قدم العرض الأساسي للندوة قائلا :"إن الوحدة الوطنية تعني اتفاق الشعب بمختلف شرائحه وتغليب الانتماء الوطني على أي انتماء آخر ، بعيدا عن الأنانية ، لأن تعدد الولاءات يمزق النسيج الاجتماعي للوطن.، وهو مصطلح وجد مع تنامي الوعي الديمقراطي و سيطرة العولمة فطرحت إشكالية المواطنة وحقوق الأقليات .. والتعايش السلمي يمثل وعي الشعوب ، كما يعني تعاون الدول فيما بينها من
القاء محاضرات أنعشت الندوة
مصالح ، وهو مصطلح من نتاج الحرب العالمية الثانية ، أما المجتمع المسلم فطبيعته الوحدة والتعايش السلمي لأن الدين الاسلامي يحث على التعاون على البر والتقوى . ولأن الإسلام جاء ووجد الشعوب تعيش صراعات قبلية وطبقية وعنصرية فأعاد الاعتبار للقيمة الإنسانية بوحدة المنشأ البشري ، (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ومثل رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع الصالح مرة بالجسد وأخرى بالبنيان المرصوص وأخرى بركاب سفينة مهددة بالغرق إذا لم يمنع العابثين عن خرقها غرق الجميع. أكد القرآن الكريم ارتباط الأخوة بالإيمان قال تعالى (إنما الممونون إخوة ..الخ ) ، فبدأ مشروع تصحيح المصطلحات الجاهلية التي تنغص الوحدة والتعايش السلمي بين الناس ، وصنف النبي التمييز باللون أو العرق بالجاهلية بقوله لأبي ذر إنك امرؤ فيك جاهلية ، وكانت دولة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة نموذجا للإرساء قواعد ا
جانب من الندوة
لوحدة الوطنية والتعايش السلمي في المجتمع تجسد ذلك في : نظام المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار إلى درجة التوارث ، قبل وقعة بدر ، وكانت وثيقة المدينة دستورا متقدما في تحديد المواطنة وقيم التعايش جاء فيها :إن المهاجرين والأنصار أمة واحدة ، وأن أيديهم جميعا على من ظلم أو ابتغى عليهم ولو كان ولد أحدهم ، إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ....
واقتضى تأمين المجتمع ضبط الحدود التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها حرما آمنا ، والإذن بالجهاد لتمارس الدولة وظيفته العسكرية ،
تطبيق التمييز الإيجابي لإعادة التوازن مثل قصة غنائم بني النضير،
حل المشاكل المنغصة للوحدة والتعايش بسياسة طي الملفات :
في خطبة الوداع : أعلن وضع دماء الجاهلية وكذلك ربا ءها وبدأ بدم ابن الحارث ، وربا العباس ..وهكذا طوى الملفات الخطيرة وهي بؤر المشاكل المشوشة على التعايش والوحدة .
الشيخ بون عمر لي ضرب كذلك أمثلة من لقرآن كحكمة نبي الله يوسف في طي الملفات المزعجة : فبعد أن صارا وزيرا قال لإخوته الذين سببوا له تلك المآسي، في إشارة واعية (... وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ، من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ، ) ملخصا بذلك مأساة الاسترقاق وفاتحا صفحة جديدة للتعايش السلمي ، فالرق ظاهرة تاريخية تم تجاوزها ، ومن الممكن أن يتعرض لها أي شخص كما تعرض لها نبي ابن نبي ابن ......’
ولاشك أن بلادنا سائرة على طريق طي الملفات المزعجة نذكر من ذلك :
حل مشكلة الإرث الإنساني خدمة للوحدة الوطنية والتعايش السلمي بدءا بصلاة الغايب في كيهيدى وصولا الى طي ذلك الملف نهائيا ، وانفتحت آفاق البناء الوحدة والتعايش السلمي بين الأشقاء ، فلا داعي لنكء الجراح واستبطان أجندات خصوصية .
حل مأساة الرق : لقد تدرج التجريم من قرار إلى قانون ثم إلى مستوى الدستور ، وأنشأت وكالة التضامن لامتصاص مخلفاتها بتطبيق التمييز الإيجابي لتقوية اللحمة الوطنية و التعايش السلمي بعيدا عن المزايدات .
ــ الدكتور: بلال ولد حمزة بدوره قام بترجمة مداخلة بون عمر لي الى اللغة الفرنسية وعقب عليها كذلك .
من جانبه أكد عضو المجلس الوطني الشيخ دودو ولد متًالي؛ الذي أنبرى للمحور الثاني للندوة والذي حمل عنوان : "التعايش السلمي بين فئات المجتمع عبر تاريخ البلاد"، أن تلون المجتمع الموريتاني ظل مصدر قوته وتماسكه ولا أدل على ذلك من أبطال المقاومة الذين تشكلوا من كافة مكونات المجتمع.
واعتبر أن مؤسسي الدولة الموريتانية كانوا على وعي كبير بضرورة التعايش بين فئات المجتمع بحيث اختاروا لها اسما جامعا لكل المكونات يأخذ من الإسلام منطلقا وشعارا يؤكد بأن موريتانيا بلد مسلم وشعب مسالم ينطلق من عقيدة واحدة.
بدورها غاصت السيدة : البطريقة بنت كابر، في دلالات التعايش السلمي وعوامل نجاحه في المجتمعات التي تتكون من عدة طوائف، مثل موريتانيا ؛
وقالت البطريقة أننا في موريتانيا من بين الشعوب التي حباها الله بعوامل نجاح التعايش السلمي بين كافة مكوناتها ، لأن تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف ، ولغة القرآن، والدور البارز للعلماء ، إضافة إلى الطيبوبة الفطرية التي تميزنا بها ، عوامل من بين أخرى "جعلتنا بمختلف شرائحنا نعيش في ودً وإخاء وننبذ العنف والشحناء والصراع رغم محاولات فك الارتباط ودعاية المستعمر وأساليبه.
وشددت البطريقة على أن ذاك التلاحم والتراحم بين مكونات المجتمع تعزز في الفترة الأخيرة من خلال المشاريع الضخمة التي أنشئت للقضاء على الفوارق الاجتماعية، مؤكدة في الوقت نفسه أن التمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف هو السبيل الأنجع لتعزيز السلم والتعايش في مجتمعنا.
وكان الدكتوران الشيخ ولد الزًين، وسيدي ولد محمد فال قد عقبا على محوري الندوة، فبينا أن الشعب الموريتاني ظل يمتاز عن شعوب العالم بعامل الدين المشترك إضافة إلى تقاسم حب الوطن ضاربين المثل بتعايش شرائح مجتمعنا بأسلوب تعايش صحابة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في المدينة المنورة، قبل أن يخلصا إلى عمق التآخي والمودة اللذان ميزا مكونات هذا المجتمع على مرً القرون التي عمروا فيها هذه الأرض المباركة ونشروا الإسلام وتعاليمه وكذا لغة القرآن في مختلف ربوع العالم، مشددين على أن كل المحاولات التي أراد أصحابها تفرقة تلك المكونات باءت بالفشل.
مدير الندوة الشيخ : بوميه ولد أبياه أختتم الندوة بشكر المشايخ والدكاترة الذين أنعشوها ، كما لم يفوت الفرصة فشكر رئيس الحزب على حضوره للندوة ومتابعته لها مع الجمهور حتى نهايتها .
نشير الى أن هذه الندوة حضرها بالإضافة الى رئيس الحزب الدكتور: اسلكُ ولد احمد إزيد بيه نائبته الثانية وعضو الجمعية الوطنية السيدة خديجة مامادو جللٌ والأمين العام للحزب الوزيرعمر ولد معط الله ، والعديد من أعضاء المكتب التنفيذي والمجلس الوطني والأمناء الاتحاديين وأعضاء الهيئات الحزبية وعشرات الأطر والمناضلين .
عن أمانة الاتصال بحزب الاتحاد / احمد مختيري