شقيقان قطعت داعش يديهما .. من آثار حكم الدولة الإسلامية في الموصل

جلس أزاد حسن ويده مربوطة بضمادة بعد أن فقدت الإحساس بفعل مخدر أمام حشد ينتظر قطع متشددي تنظيم الدولة الإسلامية يده عقابا.

في البداية كان قد شاهدهم يفعلون الشيء نفسه بشقيقه.

لكن آل حسن- الذين حررتهم قوات عراقية من حكم تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل في إطار مسعى السلطات لاستعادة المدينة- يحملون جراحا أكثر من معظم الأسر الأخرى جراء عامين من الخلافة التي أعلنها المتشددون.

وتضاهي مأساة الأسرة التاريخ الحديث للموصل من اقتحام الدولة الإسلامية لها في 2014 وفرض الحكم المغالي في التشدد في معقلها الرئيسي بالعراق وصولا إلى حملة الجيش العراقي لاستعادتها والتي أدت إلى قتال ضار في أحيائها الشرقية.

أتى نزاع بشأن شحنات الطحين (الدقيق) بالشقيقين أمام محكمة تابعة للدولة الإسلامية قبل أكثر من عام. وكان المتشددون قد أخذوا شقيقا آخر قبل بضعة أشهر- وأعطيت للأسرة وثيقة تقول أنه أُعدم بالرصاص للاشتباه في عمله مع الجيش العراقي لكنهم لم يروا جثته على الإطلاق.

وانضم شقيق أصغر لكتائب سنية مسلحة وهي إحدى القوى التي تقاتل دعما للجيش حول الموصل.

وعلى ناقل بيانات (يو.إس.بي) يحتفظ أزاد (21 عاما) بنسخة من تسجيل مصور يظهر قطع الدولة الإسلامية يده ويد أخيه على الملأ آملا أن يحصل يوما ما على شكل من أشكال العدالة.

وقال "قاموا بقطع يد أخي أول مرة.. فهذه اللحظة طبعا ما أنساها طول ما أنا عايش. هذه لحظة مؤلمة. وبعدها جاء دوري قاموا كذلك بقطع يدي. بصراحة شعور ما يوصف. تمنيت الموت في ذلك الوقت بألا أشوف (أرى) أخويا تقطع إيده قدامي. الوضع مأساوي الصراحة. ما دمت عايش ما أنسى هذه اللحظة.. يعني اتمنيت القاعة تخفس بكل الموجودين... بينا إحنا (نحن)."

وعلى سرير صغير في مزرعة الأسرة في قرية الديبانية خارج الموصل يرقد والدهما حسن والدم يتسرب من ضمادتين ملفوفتين حول جروح بساقيه ناجمة عن انفجار بعدما عاد إلى منزلهم السابق في منطقة استعادتها القوات العراقية من الموصل لكن لا تزال عرضة للخطر.

وقال حسن وزوجته كردية "بالنسبة لعائلتي اتضررت (تضررت) أنا .. ولدي الاتنين اتقطعت إيديهم وابني أخذوه وما أعرف عنه شيء وأخوي أيضا أخذوه وما أعرف عنه شيء وابن أخويا وابن أختي كل هادول (هؤلاء) راحوا في عداد المفقودين. وأنا قدامك (أمامك) مصاب .. يعني داعش آذانا."

صلب الجثث

استعادت القوات لعراقية المنخرطة في حملة بدأت منذ تسعة أسابيع بدعم من الولايات المتحدة لسحق الدولة الإسلامية في آخر معقل حضري كبير لها في البلاد نحو ربع المدينة لكن تقدمها كان بطيئا ومكلفا.

وبينما تستعيد القوات الأرض ببطء يفر النازحون من المدينة ويسترجع أولئك الذين يعيشون في الداخل حياة وحشية في ظل الدولة الإسلامية التي تسير شرطتها الدينية (الحسبة) دوريات في المدينة وتفرض قوانينها.

وأُجبر الرجال على إطلاق اللحى بأطوال يعتبرها المتشددون إسلامية. والنساء اضطررن لتغطية أجسادهن من رؤوسهن حتى أرجلهن. وبعض الناس ضُربوا لارتكابهم مخالفات وقُتل آخرون بالرصاص - وصلبت جثثهم أحيانا - وكلها عقوبات تحددها محاكم الدولة الإسلامية.

عرض نازح في مخيم الخازر خارج المدينة آثار جروح يقول إنها ناجمة عن اقتلاع أسنانه وشق لسانه عقابا له على التدخين في العلن.

كما نفذت الدولة الإسلامية بصورة منهجية في منطقة محيطة بالموصل في شمال العراق عمليات قتل وأسر واستعباد لآلاف من الأقلية اليزيدية الذين يعتبرهم المتشددون عبدة للشيطان واستهدفت بلدات مسيحية ودنسوها كما استهدفوا الشيعة الذين يعتبرونهم كفارا.

متشدد ملثم

عندما اجتاح المتشددون المدينة في منتصف 2014 كان أزاد يساعد الأسرة في نشاط شحن الطحين.

قال أزاد "قبل دخول داعش كانت حياتي مستقرة .. ما شايل (أحمل) هم لأي حاجة .. عايشين الحمد لله .. عندنا دكان صغير نشتغل فيه وأدرس. الحمد الله كنت متفوقا بدراستي. ودخل داعش 10 يونيو 2014 وقلب حياتنا."

وأضاف "داعش بالبداية أول ما دخل دخل بحجة الثوار العشائر وبعدها انقلب على المواطنين .. المواطنين بالبداية أرادتهم بس (لكن) انقلبوا على المواطنين بحيث قام يعاقب يقطع الراس بالسيف وقام بقطع الأيدي والإعدامات صارت بالجملة .. أي منتسب (للجيش) يقوم بإعدامه والتعذيب طبعا عندهم التعذيب لا يوصف .. التعذيب في شكل عديم الإنسانية."

وقال الأخوان حسن إنهما وقعا في خلاف مع الدولة الإسلامية في مايو أيار من العام الماضي لأنهما كانا يبيعان الطحين لخباز موال للمتشددين لم يدفع الديون المستحقة عليه. وفي يوم من الأيام اقتحم الشقيقان مخبزه لأخذ الطحين عوضا عن المال.

وقال أزاد إن قضاة الدولة الإسلامية استدعوهما واحتجزوهما واتهموهما بالسرقة. وحكم عليهما قاض عراقي يعرف "بقاضي الدم" بقطع رأسيهما وصلبهما لكن قاضيا سعوديا خفف الحكم إلى قطع اليد.

وأٌخذا لاحقا إلى ساحة عامة حيث جمعت الدولة الإسلامية المئات لمشاهدة تنفيذ الحكم منذ الصباح الباكر. وحقن طبيب معصميهما بمخدر.

وفي التسجيل المصور للدولة الإسلامية كان مقاتل من التنظيم أول من عوقب حيث صاح قائلا "الله أكبر" بعدما قطع متشدد ملثم يده بساطور.

ثم جاء الدور على محمد (25 عاما) ثم أخيرا قطعت يد أزاد بعدما مُدت ذراعه اليمنى على طاولة. وقام متشدد آخر بلف الذراع الدامية بضمادات.

وقال محمد "قطعوا إيد (يد) أخويا قدامي.. بهذه اللحظة اتمنيت الموت .. هذه اللحظة ما أنساها ... وأتمنى داعش يخسر كل معركة لأن داعش دمر العالم .. دمر الناس .. دمر العراق."

والآن يتطلع كل من الأخوين المتزوجين واللذين لا يعملان ويعيشان على دعم الأسرة إلى المساعدة من وكالات الإغاثة لتقديم أطراف صناعية لهما. وليس لدى أي منهما أمل يذكر.

أما شقيقهما الأصغر نياض (20 عاما) فقد سلك طريقا آخر إذ انضم إلى فصيل سني مسلح ترعاه الحكومة ويشارك في حملة الموصل.

نقش نياض على ساعده الأيمن وشما لوجه امرأة شعرها منساب وهي صورة يقول إنه نقشها تحديا للدولة الإسلامية.

وأضاف "أنا رسمت هذه علي يدي لأنه ممنوع من داعش وأنا رسمتها ضد داعش

جمعة, 16/12/2016 - 09:28

          ​