الابن الأصغر اصطحبها إلى المطار وأوهمها بشراء أغراض وهربلم تتخيل امرأة (75 سنة) أن ينتهي بها المصير وحيدة، بعيدة عن منزلها وأسرتها وبلادها، قاومت دموعها كثيراً لكنها فشلت،
فانخرطت في نوبة بكاء وثمة مشاعر متضاربة تسيطر عليها، هل تشعر بالحزن بسبب غدر أبنائها الأربعة الذين تركوها بمفردها داخل مطار دبي في ساعة متأخرة من الليل، أم بسبب انقطاع السبل بها وصعوبة عودتها إلى وطنها الذي يعاني بعض الاضطرابات.
بداية القصة كانت عندما شاهد رواد في مطار دبي الدولي امرأة مسنة تبكي بحرارة، فهب البعض إلى مساعدتها، وسجل بلاغ بشأنها في عمليات المطار، وأحيلت إلى مكتب حقوق الإنسان في مطار دبي، الذي اكتشف أن المرأة تمر بمأساة إنسانية حقيقية هزت مشاعر الجميع.
مدير إدارة حماية المرأة والطفل الرائد شاهين إسحاق المازمي، قال إن الواقعة بدأت خلال شهر رمضان الجاري، حين ورد بلاغ إلى الإدارة يفيد بوجود امرأة مسنة، تحمل جنسية إحدى الدول العربية، في حالة نفسية سيئة، ولا تحوز تذكرة سفر أو تحدد وجهتها.
وأضاف أن الإدارة اتخذت الإجراءات اللازمة لتوفير الراحة للمرأة المسنة، فتم التواصل مع مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، التي تجاوبت مع الحالة الإنسانية، ووفرت لها مأوى مناسباً، ووفرت لها جميع احتياجاتها الحياتية من طعام وشراب.
المازمي أشار إلى أن فريقاً من الإدارة استمع إلى إفادة المرأة التي مست قلوب الجميع، حين روت قصتها قائلة إنها أم لأربعة رجال يقيمون في الدولة ويعملون في وظائف جيدة، لكنهم تنكروا لها وتهربوا من رعايتها، واصطحبها الابن الأصغر إلى مطار دبي، بعد أن حزم حقيبة ملابسها وطلب منها انتظاره داخل الصالة لحين شراء بعض الأغراض، وتركها وحيدة داخل المطار من دون أن يوفر لها تذكرة سفر للعودة إلى بلادها.فريق العمل في الواقعة وضع قصة هذه المرأة على رأس أولوياته، وبذل جهوداً كبيرة حتى توصل إلى أرقام هواتف الأبناء واتصل بهم وطلب منهم الحضور إلى مقر الإدارة العامة لحقوق الإنسان في شرطة دبي، وحددوا موعداً لكن لم يلتزموا بالحضور، خصوصاً الابن الأصغر الذي ترك أمه بهذه الطريقة غير الإنسانية في المطار. وتابع أن فريق العمل لم يمل، واتصل بهم مجدداً حتى استجاب الابن الأكبر واعتذر عما فعله شقيقه الأصغر وتعهد باستلام أمه من مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، وشراء تذكرة سفر لها لإعادتها إلى وطنها حتى تقيم مع أهلها هناك، لأنها لم تعد ترغب في الإقامة مع أبنائها بعد معاملتهم لها بهذه الطريقة القاسية.
ووفقا للمازمي فأن إدارة حماية المرأة والطفل لم تكتف بما اتخذته من إجراءات لحفظ سلامة وكرامة المرأة المسنة، لكنها تابعت الحالة حتى تأكدت من أن الابن الأكبر تسلم أمه فعلياً من المؤسسة، وأنه يعاملها بطريقة جيدة تناسب سنها وظروفها، ومن ثم علمت أنه حجز تذكر سفر وأعطاها مبلغاً من المال، وتأكدت من وصول المرأة سالمة إلى وطنها.
وأفاد بأن إدارة حماية المرأة والطفل، بحكم طبيعة عملها، تصطدم بحالات إنسانية معقدة للغاية، لكن أكثرها تأثيراً يرتبط دائماً بالأم، لافتاً إلى أن الأم لم تتخيل أن يتعامل معها أبناؤها بهذه الطريقة.
ولفت إلى أن فريق العمل في الواقعة أصر على ضرورة إلزام هؤلاء الأبناء بتوفير الرعاية لأمهم، مشيراً إلى أن الابن الأكبر تدارك المشكلة وشعر بالخطأ الذي ارتكب في حق أمه وتصرف بنوع من المسؤولية على عكس شقيقه الذي تركها وحيدة في هذه السن.