أزمة غامبيا والمنطق الفرعونى / د محمد سعيد با

أحبتي الفضلاء‬
‫سلام الله عليكم وعلي من يرنو إليكم بعين المحبة وأدام علينا وعليكم عنايته!‬
‫أبدأ وأقر بأنني تابعت بغير ما أولي عناية كافية لما شهدته وسائل الإعلام في منطقتنا ومواقع التواصل الاجتماعي حول التطورات الأخيرة في غامبيا الشقيقة، وقد لفتني أنه قد طغي قدر غير يسير من التحيّز لدي بعض من تعاطي الملف وبطريق قد يرقي إلي مستوي أقربمن التخندق.‬
‫أما ولم تتح لي حتي الآن معالجة الموضوع بقدر من تعميق النظر كما كنت أتوق، باستثناء باقة من التغريدات من النوع العام، فلا أقل من أن أتناول هنا جزئية أراها ذات قيمة ولو رمزية ريثما تأتيني سانحة أعود فيها للموضوع في تناول أكثر استيعابا وألصق بلب القضية، وذلك في الأسطر التالية:‬
‫أري، وقد يزيغ نظري غير عامد، أن بعض السجال الدائر حول أزمة غامبيا وما أفرزته من مواقف وتباينات تتسم بالحدة في بعض جوانبها، ناجم عن حصر المسألة في إطارها الجغرافي-الاجتماعي وخاصة حين يتعلق الأمر بالطريقة التي تم بها الحسم في نهاية المطاف مع إغفال تام لجوهر الإشكالية:‬
‫لماذا وصلنا إلي هذا المسار المسدود في زحفنا وشعوب الأرض تنهب لاحبا مستقيما موصلا؟‬
‫ثم كيف نفك طلاسم سحرة السياسة الذين يسترهبوننا ونفك هذه العقد ونتخلص ممن ينفث فيها إليّ غير رجعة؟‬
‫في الواقع نحن نحتاج، لدراسة هذا الملف الذي لا يزال - باعتباره في حالة التفاعل - يحتوي علي بنود لا تزال في حالة الكمون، وضعه في إطار أوسع ينطلق من حالة بداية التحول مر به العالم يصطلح عليها "الربيع العربي" مرورا بتداعياته إفريقيا جنوبي الصحراء (حالة بوركنا، تجربة بينين..) فرسوا علي تخوم المستقبل المنشود حيث ستصبح الإرادة الشعبية نافذة جازمة ما يعني تحولا جذريا في العلاقة بين السلطان الجائر وبين أصحاب السلطة الأصلاء (الشعوب) الذين ظلوا قرونا مغيبين.‬
‫وعطفا علي هذا فلنلاحظ أن تضارب المصالح - لا أقول هنا بين الدول - ولكن بين الأنظمة التي تختزل فيها (في ديارنا فقط) مصالح البلاد والعباد في إهاب فرد يحمل فكرا فرعونيا عفنا، قد يتخذ أشكالا عدة وقد تختفي وراء عناوين مضللة لكنها تعود فتطفو علي السطح في مثل الظرف الذي تمر به غامبيا ومن ورائها المنطقة الحبلي بالأحداث الضخام التي بدأت بشعلة الفتنة حملها "بوكو حرام" قبل اندلاع الحريق في شمالي مالي والله وحده يعلم متي ستنطفئ آخر جمرة خبيثة.‬
‫أميل إلي أن يتركز النقاش علي نقطة جوهرية وهي الركائز الجديدة التي يجب الإجماع عليها لإعادة بناء غامبيا علي أساسها مع التأكد من مدي صلابتها، وهي عملية عويصة بطبيعتها انطلاقا من إدارة إرث الأنظمة البائدة (ليست فترة جمّي وحدها رغم ضخامة قِطّها وبالاصطلاح القرآني) علي نهج سديد يمكن أن يستوحي مما أرساه مانديلا في ظرف شبه مشابه مع الاهتمام بما يحمله الجيل الجديد من قيم مؤهلة للتسليم والذي علي وشك أن يمسك بأزمة الأمور ويحتل المسرح ويدير الدفة أصالة أو عمالة وذلك في إطار جملة من الأسئلة المفصلية من قبيل:‬
‫من هم وكيف وإلي أين سيقود هؤلاء الموكب؟‬
‫كيف يمكن استثمار ما ذاقه الشعب الغامبي من حلاوة وضع بطاقته في الصندوق ليخرج باسم من وضعه له ثم إذا تعنت السلطان توجه نحو الميادين مطالبا بما له من حقوق غير قابل للتنازل عنها؟‬
‫وأختتم بتوجيه شكري الحار لكل من أبدي عناية بقضية غامبيا مهما كانت الزاوية التي انطلق منها ما دام الإخلاص لقضايا الأمة يحدوه ونشدان الحقيقة رائده.‬
‫ ودمتم في سابغ كلاءة الرحمن‬

خميس, 26/01/2017 - 09:42

          ​