امتازت الحقبة التأريخية في بديات الإسلام بأنها من أوج العصور الذهبية التي عاشتها الامة لما شهدته من فتوحات في شتى مجالات الحياة و خاصة العسكرية وعلى يد كبار الرموز الاسلامية ذات البعد الاجتماعي و الأخلاقي الكبير من خلفاء راشدين و صحابة أجلاء ( رضي الله عنهم أجمعين ) بالإضافة إلى مظاهر العدالة و المساواة التي شاعت بين المسلمين و خير مثال على ذلك ما امتازت به الحقبة الزمنية آبان خلافة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) حيث انتشرت مبادئ التعايش السلمي ، و سادت قيم الإسلام الأصيلة في عموم ارجاء الجزيرة العربية فمن أوضح مصاديق ما اشرنا إليه في تلك الحقبة و التي يمكن القول بأنها إحدى الأزمنة الذهبية التي مر بها المسلمون ما يتعلق بموضوع الحقوق الشرعية و كيفية توزيعها بشكل عادل و منصف فنجد الاهتمام الكبير الذي أولاه الخليفة عمر ( رضي الله عنه) مصادقاً لعدله و شعوره بالمسؤولية العظمى الملقاة على عاتقه و حرصه الكبير على متابعة الولاة و الحكام في البلدان القابعة تحت حكمه ، فها هو الفاروق يسأل و يحاسب ولاة العراق و القائمين على جباية الأموال ومنهم عثمان بن حنيف الموكل على حفظ بيت المال في العراق وكما جاء في التاريخ و الأثر عن الخليفة عمر ما نصه ( فقال عمر لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب ) فلنتمعن جيداً يا مسلمين بمضامين هذه العبارات و حكمتها و عمق إنسانيتها كونها تنم عن عمق الشعور الإنساني و عظم المسؤولية فيما يخص أرامل العراق و فقراء باقي الأمصار العربية الذين لم تخفى آلامهم و معاناتهم عن عيون الخليفة عمر ( رضي الله عنه) إلى المستوى الذي وصل به للسؤال عن أحوال تلك الطبقات المعدمة و الفقيرة و التي تقبع تحت خط الفقر طبقاً لهذا الكلام الصادر من راعي الدولة وهذا ما يكشف زيف الاتهامات و الافتراءات التي يسوقها تنظيم داعش و أئمته بحق عمر بن الخطاب فتارة يتهمونه بأنه أخذ القران من الجان ، و تارة يقولون بأنه رأس الفتنة و رمح الشقاق و النفاق فسبحان الله أمثل عمر يتهم بهذه التهم و الافتراءات ؟
إنا لله و إنا إليه راجعون فيا دواعش الفكر المتطرف و الإرهاب العالمي متى كان الخليفة عمر يأخذ القران من الجان ومتى كان شديداً و فضاً كما تزعمون و أنه حارب كبار الصحابة أمثال علي و عمار و المقداد و غيرهم ؟ ومتى كان لا يعطي كل ذي حق حقه فيغتصب حقوق العباد ؟
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، ثم إن من الملفت للنظر أن الخليفة عمر كشخصية اسلامية عرف عنها العدل و الإنصاف و المساواة و متابعة الولاة و محاسبتهم كانت الدافع الأساس وراء حادثة اغتياله وقد صرح بذلك عمرو بن ميمون في قوله أعلاه ونختم بما أكده و بالأدلة القاطعة رجل الدين الشيعي الصرخي الحسني في محاضرته (19) من بحثه الموسوم وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الأسطوري بتاريخ 18/2/2017 فقال المحقق الصرخي : (( لا يخفى على العاقل أنه إذا وقعت جريمة فإن المحقق و الباحث وكل عاقل ينظر إلى المستفيد منها و خاصة إذا كان هناك شخص أو جهة مستفيدة و مستفيد أكبر مع وجود تهمة ثابتة واقعاً تدل عليها الأفعال و الأقوال و المواقف و هنا جريمة اغتيال رئيس الدولة و خليفة المسلمين و اقترن اغتياله مع تصريحه و تعهده في بسط العدل و الأمان في العراق و بين أهل العراق )).
الكاتب العراقي حسن حمزة