بلادي و إن جارت علي عزيزة عبارة نحن في أمس الحاجة إلي استيعاب مضمونها اليوم ، و كم هي أعز عندما تمنحنا الأمن و الأمان و تنتشلنا من عالم اللاشيء لتقدمنا إلى العالم كقادة ،زعماء ،رؤساء ووزراء و تضعنا في مصاف علية القوم بعد أن كنا مطاردين و مشردين و منبوذين تلاحقنا وصمة الاستبداد و التنكيل بأبناء الوطن الخيرين و المخلصين خدمة لأنظمة استثنائية استبدادية أو عمالة لجهات أجنبية.
فشيء جميل أن يتفتق فينا الإحساس بالوطنية و رائع أن تتدفق في عروقنا دماء المحبة و الإخلاص لهذا الوطن و لأولئك الرجال الدين ضحوا بأرواحهم و مستقبلهم من اجل هدا الوطن و من اجلنا و تقاعسوا إلى الصف الخلفي ليقدموا لغيرهم ممن لا يستحق و على طبق من ذهب قيادة بلد كان في أمس الحاجة إلى من يقوده إلى بر الأمان و يعبر به إلى شاطئ الازدهار و التنمية و التقدم و يذهب به بعيدا عن الأخطار المحدقة ، و التي كانت تهدد كيانه و تماسكه ووحدته الوطنية سواء تعلق الأمر بالإرث الإنساني أو مخلفات الاسترقاق أو وضعه خارج إطاره الطبيعي و عمقه التاريخي الإسلامي العربي الإفريقي تطبيعا مع اليهود الغاصبين.
تلك هي موريتانيا التي استفاقت بعد عقود من الفساد و الاستبداد و ضيق الرؤية و سوء التسيير فقام مجموعة من أبنائها البررة بثورة أعادت الأمل و أضاءت الطريق، لكن الزهد الزائد في السلطة و حسن النوايا لدى البعض و ربما الثقة الزائدة فيمن لم يكن أهلا لها جعلتهم يسلمون قيادة البلد و يجعلون مصيره في أيادي لم تكن و ربما لن تكن أمينة و لا حريصة على مصلحة هدا البلد و أهله ، فبعد سنوات الاستبداد و الفساد و النهب و الزبونية و المحسوبية و بعد أن أتيحت لهم الفرصة للتكفير عن كل ذلك لم يزدادوا إلا تماديا في الفساد و بيع الوطن و مقدراته و لعل ذلك ما جعل الشعب يسحب ثقته منهم و التي لم يكونوا أهلا لها ليمنحهم في استحقاقات 2009 نسبة لا تتجاوز الثلاثة في المائة.
فبعد الخرجات المشبوهة في أكثر من مناسبة وامتطاء موجات الربيع العربي و المطالبة بالرحيل مرورا بالمطالبة بالمقاطعة الفاشلة و التأكد من عدم استجابة الشعب الموريتاني الأبي لشتي دعوات ذلك السيد الذي يبدو انه لا يريد أن يفهم الدرس و في هدا الظرف البالغ و الحساس من تاريخ امتنا العربية و الإسلامية و الذي يصب فيه الكيان الصهيوني الغاصب و عملائه النار على أهلنا بغزة و ينكلون بهم اشد تنكيل يطالعنا فخامته ببيانات لا يمكن أن نرى فيها سوى محاولة يائسة لزعزعة امن و استقرار البلد و العصف بوحدته الوطنية و تقديم خدمة مجانية (أو مدفوعة الثمن) لأعداء هدا الوطن. شانه في دلك شان وزيرنا المحترم صاحب المسار الحانوتي و الذي لا نجد الكلمات المناسبة للتعبير عنه لأنه و بلغة بسيطة و حتى الأمس القريب كان يطبل و يزمر لهذا النظام ، و لم تسلم منه معارضة و لا دولة جوار فقد أسهب في مدح النظام و تلميع صورته إلى حد يمكن وصفه بالتقديس و ووصف معارضيه بابشع الأوصاف فالعجب العجاب و سبحان مغير الأحوال.
اذن فاذا لم تستحوا يا فخامة (الرئيس) و معالي (الوزير) فاصنعوا ما شئتم فلن تستطيعوا حجب ضوء الشمس فالشعب الموريتاني أصبحت ذاكرته قوية و لا اعتقد انه ستنطلي عليه الأمور و سيبقى و فيا لمن بعث لديه الأمل في قيام دولة المؤسسات و المواطنة الحقة و سيبقى وفيا لمن وقف مع الفقراء سواء من خلال دعم المواد الأساسية أو من خلال توزيع القطع الأرضية و حل مشاكل الأحياء العشوائية و سيبقى وفيا لمن عمم خدمات الماء و الكهرباء وفك العزلة ، و سيبقى وفيا لمن حل مشاكل الإرث الإنساني و أعاد المبعدين و حارب مخلفات الاسترقاق، و سيبقى وفيا لمن و فر الأمن و الأمان و بني الجيش و امن الحدود و سيبقى وفيا لمن رفع اسم موريتانيا عاليا في المحافل الدولية و سيبقى و فيا لمن تأهل في عهده منتخبنا للمحليين للنهائيات الإفريقية لأول مرة في التاريخ و سيبقى وفيا لمن حارب الفساد و سبقي شعبنا وفيا لمن يستحق الوفاء بجدارة فمن لموريتانيا غيره؟
فموتوا بغيظكم و ليحفظ الله موريتانيا و أهلها.