يقول الخبير الدستوري موريس دي فرجيه " إن الذكريات المشتركة للأمة تساعد في تكوين تصور مشترك للمستقبل " وهذا ما أدركه بحنكة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في خطابه التاريخي أو الأخير أمام ساكنة النعمة والذي أوضح فيه ملامح الجمهورية الثالثة ، وبين بكل شفافية عقده العزم علي إعلان الاستقلال الثقافي والسياسي والاقتصادي ، وإكمال مسيرة بناء الامة الموريتانية بتقديم استيراتيجيات كبري تمس النظر في مؤسسات الدولة ورموزها الوطنية تساوقا مع ذكرياتنا وأمانينا المشتركة ، وقد جسد فخامة الرئيس هذه الإرادة بإصدار مرسوم يرسم استدعاء البرلمان إلي دورة فوق العادة اعتبارا من 22 فبراير 2017 لإقرار مشروع قانون دستوري يتضمن مراجعة دستور 20 يوليوا 1991 والنصوص المعدلة له ، وهنا يمكن القول بأن السيد الرئيس قام بواجبه اتجاه المجتمع السياسي ولم يبقي سوي مسؤولياتنا كشعب وكمنتخبين محلين ، ومن أدبيات الديمقراطيات التقليدية أن الحزب الحاكم ذي الاغلبية في فرفتي البرلمان ، في مثل هذه الظروف يقوم بدوره المنوط به إلي جانب مسؤوليات الحكومة ممثلة في الوزراء ، وهنا يجب تناسي الخلافات البينية وتغليب روح الانسجام وتقديم المبادرات التي من شأنها تحسين الحكامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلدنا الذي يشرئب لمستقبل الغلبة فيه للمصلحة العامة ، والهزيمة للمآرب الشخصية ، إن ما حدث مساء الجمعة في غرفة مجلس الشيوخ الذي تم تمديد مأموريته وأبرم عهوده أمام الوطن وقائده ، يعد خطيئة سياسية وفعلة شنعاء لايمكن التغاضي عنها وتركها تمر بسهولة ، مما يتطلب محاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذا الجرم ، سواء علي مستوي الفعل أو التنسيق أو التعبئة ،
سيقول السفهاء من الناس إن السياسة فن الممكن وقيم متغيرة ، لكن الحياة المعاصرة غيرت تلك المعادلة البائدة ، ومن يعول علي أنه سيكسب الرهان بالخديعة فقد احتطب بليل في زمن أصبح الحصول فيه علي المعلومة أسهل من جرعة ماء ،
ولكي أكون منصفا أسجل أنه كان بإمكان الحزب ا لحاكم أن لا يهدد رئيسه بحل مجلس الشيوخ والاستعاضة ببديل أكثر منه نضجا ، كما كان من المفترض أن تأخذ رئاسة الوزراء آراء الشيوخ بعين الاعتبار للخروج بتوافق لا يشق الصف في الأغلبية ويحرمنا تطلعلات مشروعة كنا نحلم بها ونراها صمام أمام لبلدنا في رياح التقلبات الإقليمية التي لا ترحم الضعفاء والمتشرذمين ، إن هذا السلوك الجانح الذي شاهدناه سيضر هؤلاء المارقين أكثر مما ينفعهم فسينظر لهم المجتمع الدولي بعين الريبة وانعدام الثقة وهذا من مكامن الفعل والتأثير في دبلوماسيتنا النشطة بقيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ، وحضورنا القوي في دوائر صنع القرار الإقليمي والعالمي ، وبإلقاء نظرة دقيقة علي مراحل من حياتنا السياسية كانت أكثر حرجا ، نري أن رئيس الحزب الحاكم السابق الدكتور إيسلكو ولد أحمد إيزيدبيه يومها أدار المرحلة بحكمة ورزانة أفرزت حوارا وطنيا جنبنا بعض المخاطر التي تعرضت لها دول وشعوب غير بعيدة منا ، لذا يمكنني القول إن التجربة والحنكة أهم ميكانيزمات العمل السياسي الجاد الذي افتقدهما ذلك الحزب أهم ما يحتاجه شعبنا العظيم
محمد الخامس أبي المعالي باحث في العلوم الساسية والدراسات الدولية