في الأردن… شنقاً وحرقاً وورمياً من السطوح

عمان – إياد تنبكجي: أكثر من 40 حالة انتحار سجلت في الأردن منذ بداية العام، 28 منها لم تنجح، ما يستدعي الوقوف على هذه المشكلة وأسبابها.
الحالة الأخيرة حسب ما تداولته وسائل إعلامية أردنية، كانت في 7 آذار/ مارس، من العام الحالي بعد انتحار طالبة تبلغ من العمر 14 عاماً من سطح بناء مدرستها الكائنة في منطقة أبو نصير شمال العاصمة. سبقتها حالات عديدة، شاب يبلغ من العمر 17 عاما، عثر على جثته معلقة بمروحة منزله في منطقة أبو علندا في العاصمة. فتاة من مواليد 1998 بمدينة إربد أقدمت على الانتحار بعد تناولها جرعات كبيرة من الأدوية.
وقام شاب يبلغ من العمر 19 عاماً بحرق نفسه في الرمثا، لكنه أصيب بحروق من الدرجة الأولى والثانية، وتم تحويله إلى المشفى، ليقدم شاب آخر في العشرينيات من العمر، على الانتحار شنقا، داخل منطقة حرجية تقع على طريق المطار في العاصمة عمان.
وفي الشهر الماضي تعامل أفراد من الأمن العام مع محاولة انتحار فتاة من أعلى جسر عبدون في العاصمة.
ومن الحالات التي سجلت أيضاً، انتحار موظف يعمل محاسباً في صحيفة «الغد» اليومية إثر ضغوطات مالية، وتحدث الصحافيون أن الموظف دخل إلى المصلى في مقر الصحيفة وأطلق الرصاص على نفسه وفارق الحياة. كما تحدث نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن توقيف مواطن أردني دلق كمية كبيرة من مادة البنزين على بناته الأربع وهدد بحرقهن بسبب عدم القدرة على الإنفاق عليهن، قبل تدخل الشرطة في مدينة الزرقاء شرقي العاصمة.
لم تقتصر الحالات على المواطنين الأردنيين فقط، بل فقد عثرت الأجهزة الأمنية على جثة لاجئ سوري في الثلاثين من عمره معلقة بوشاح على سور مخيم الأزرق، وفق مصدر أمني، حيث حضر المدعي العام وتم إخلاء الجثة إلى الطب الشرعي لتشريحها والتأكد من سبب الوفاة.
العام الماضي أقدم 117 شخصاً على الانتحار 35 منها في العاصمة عمان، والتي تشكل 30% من حالات الانتحار في المملكة، بلغت نسبته الذكور 78%. وحسب إحصاءات إعلامية شهد العام 2009، 34 حالة انتحار، وخلال العام 2010 وصلت إلى 49 حالة، وتراجعت خلال العام 2011 إلى 39 حالة، لتعود وترتفع خلال العام 2012 إلى 100 حالة، ووصلت خلال العام 2013 إلى 108 حالات، وارتفعت حالات الانتحار في 2014 إلى 100 حالة انتحار، وقع 36 منها في عمّان. وحسب مصادر خاصة فقد تبين أن غالبية المنتحرين من المرضى النفسيين، والمحبطين عاطفياً، والعاطلين عن العمل، من كلا الجنسين.
أكثر وسائل الانتحار استخداماً في الأردن تتمثل بإطلاق العيارات نارية، ثم الشنق ثم التسمم بالأدوية ليأتي الحرق في المرتبة الأخيرة، حسب رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور أحمد بني هاني، والذي أشار إلى أن أغلب حالات الانتحار في الأردن لفئة للذكور، كما اعتبر أن نسبة الانتحار في الأردن تعتبر من النسب المتدنية عالمياً مقارنة بعدد السكان.
وحسب بني هاني لا يمكن إخفاء حالات الانتحار لأن تعليمات مكاتب دفن الموتى في الأردن تطبق بشكل دقيق ومن غير الممكن دفن أي متوفى دون توثيق سبب الوفاة من طبيب مرخص وتصريح يحمل الموافقة على الدفن من مديريات الصحة أو من المركز الوطني للطب الشرعي في الحالات الجنائية وفي الوفيات المفاجئة والوفيات غامضة الظروف.
وبين أن حالات الانتحار لا تقتصر على الطبقات الفقيرة، موضحاً أن هنالك بعض الأشخاص الذين حققوا الكثير من الانجازات في حياتهم يشعرون بالملل، وتتكون لديهم عوامل تدفعهم للتفكير في الانتحار. وتظهر الأرقام أن نحو 7% فقط من المنتحرين من دون عمل.
وبالحديث حول الأسباب المؤدية لإقدام المنتحر على ذلك، أجمع الكثير من المختصين النفسيين أن السبب يعود إلى الأمراض النفسية وحالات الإفلاس الناتج عن التدهور المادي ولبعض المعتقدات والحالات العاطفية للشباب.
دائرة الإفتاء العام في الأردن اعتبرت الانتحار من الثقافات الوافدة على مجتمعنا الإسلامي، وكثيراً من المحاولات التي لا تؤدي إلى الوفاة لا يتم التبليغ عنها ويلجأ الأهل إلى التستر عليها خوفا من الفضائح وتجنباً للمساءلة القانونية.
وأشار تقرير يعد الأول من نوعه حول الانتحار أصدرته منظمة الصحة العالمية في عام 2015 أن الانتحار يعد السبب الثاني للوفاة بين الشباب والشابات في الفئة العمرية 15-29 عاماً، وأن ضحايا الانتحار على مستوى العالم في ارتفاع مستمر حيث يموت سنوياً حوالي 800 ألف شخص بسبب الانتحار، وبين التقرير الأممي بأن حالة انتحار واحدة تحدث في العالم كل 40 ثانية، وأن الانتحار يقع في مختلف دول العالم ولكنه أكثر انتشاراً في الدول ذات الدخل المتدني أو المتوسط.

ثلاثاء, 28/03/2017 - 10:45

          ​