صورة على «فيسبوك» دفعت مراهقة جزائرية إلى قتل نفسها

سلمى قويدر: أقدم شابّ جزائري كان يدعى «عليلو» على حرق نفسه أمام المحكمة في مدينة قسنطينة شرق الجزائر. كان ربّ عائلة ويبلغ من العمر سبعا وثلاثين سنة، يشتغل على طاولة لبيع اللّحم المشويّ في الشّارع. يقطن كوخا بناه عشوائيّا على أرض لأحد الخواصّ، طمعا في الاستفادة من سكن اجتماعيّ من برنامج لتوزيع السّكنات في الجزائر. لكنّه تفاجأ بقوة خاصة من الأمن تهدم كوخه، وتصادر مصدر رزقه، وبعد جلسات المحكمة الخاسرة التي مُني بها، لجأ إلى الانتحار أمام مقر المحكمة في وسط المدينة، حيث لفظ أنفاسه في اليوم الموالي متأثرا بحروق عميقة أتت على قفصه الصّدري وجسده.
وفي حالة غريبة، سجّل بالمدينة نفسها انتحار مراهقتين من عمارتين متقابلتين، حيث رمت الأولى نفسها من الطّابق الرّابع، لتليها صديقتها في العمارة المقابلة بعد أقلّ من ساعة، وقد توفّيت الفتاة الأولى على متن سيّارة الإسعاف، في حين بقيت الثّانية تعاني، من كسور عديدة في المستشفى، وتحدّث بعض المقرّبين من الفتاتين أنّهما كانتا صديقتين مقرّبتين، وأنّ الفتاة المنتحرة كانت خائفة من شقيقها بسبب صور لها على موقع «فيسبوك» وضعتها صديقتها الأخرى، فانتحرت الأولى خوفا وتبعتها الثّانية لشعورها بالذّنب.
إحصائيّة حديثة لمنظّمة الصّحة العالمية، أوضحت أن الجزائر احتلّت المرتبة 11 من بين مجموع الدّول العربية، أي بنسبة 1,9 في المئة من بين كلّ مئة ألف شخص، وهي الأولى بنسبتها مقارنة بدول المغرب العربيّ.
أحصت مصالح مختصّة في السّنوات الأخيرة حوالي ألف حالة بين انتحار ومحاولة انتحار في الجزائر سنويًّا، 70% منها تتم عن طريق الشّنق «المنتشر بين الرجال المنتحرين أكثر»، 30% عن طريق التسمّم بالأدوية أو بمواد سامة، أو الارتماء من علو شاهق، أو قطع عروق اليد، واستعمال الأدوات الحادّة، وهي «طرق تنتشر كثيرا في وسط المنتحرات»، ويعدّ أغلب المنتحرين من فئة الشّباب، بنسبة 53 % من العاطلين عن العمل، و18% ممّن يمتهنون مهنا مختلفة وحرّة، 12% مهنهم ذات دخل ضعيف وغير قارّة، والبقيّة من الطّلبة المتمدرسين.
وحسب منظمة الصحة العالميّة دائما، فإنّ سلوك الانتحار صار يشمل جلّ الفئات العمريّة وكلّ الطبقات الاجتماعية في المجتمع الجزائريّ. حيث تنقسم بين الفقر والعوز الشّديدين، غياب السّكن اللاّئق، المشاكل النّفسيّة، المراهقة الصّعبة، حالات الزواج الفاشلة، وكذلك الخوف من الوالدين والفشل الدراسي بالنسبة للأطفال والمراهقين.
في مدينة «تيزي وزو»، هذه المنطقة التي تعدّ الأكثر نسبة في حالات الانتحار في الجزائر، سجّلت خمسا وعشرين حالة منذ سنوات، حدثت بين الأطفال الذين عانوا من ويلات التّعنيف المنزلي بسبب نتائج الدّراسة المتردّية.
تميل التّصريحات الرّسميّة في غالب الأحيان إلى نبرة تبعث على الطّمأنينة، بخصوص تحسّن الظروف الاجتماعية وتطوّر التّعليم وظروف السّكن الاجتماعيّ وتوفير فرص العمل، لتأتي نسب محاولات الانتحار الكثيرة لتكشف النّقاب عن التّصدّع الهائل الذي يعاني منه بنيان المجتمع الجزائريّ.
ورغم جهودها، مازالت السّلطات المعنيّة لا تأخذه على محمل الجدّ بما يكفي، حيث تغيب الهيئات المختصّة بإحصاء وتسجيل حالات الانتحار ومتابعتها، لمعرفة الأسباب ودراسة حلول للحدّ من هذه الظّاهرة، هي تكتفي بالإحصاءات غير الدّقيقة بين الدّرك والأمن.
إضافة إلى ذلك، يصعد إلى السّطح مشكل أعمق، وهو الكتمان وعدم التّصريح بحالات محاولات الانتحار من قبل العائلات الجزائريّة، خاصّة في المناطق المحافظة الّتي تعتبر فعل الانتحار عارا قد يلتصق بالعائلة ويجب دفنه وعدم البوح به. مّا يجعل كلّ الإحصاءات تقريبيّة وبعيدة كلّ البعد عن العدد الحقيقيّ.
يذكر أن الاحصائيات في السنوات الأخيرة، تحدثت عن أن عدد المنتحرين في العالم، حسب منظمة الصّحة العالمية، قد بلغ المليون شخص سنويّا.
هو، عاشر أسباب الوفاة في العالم، حيث يفوق عدد ضحايا هذه الظاهرة، ضحايا الكوارث الطّبيعية وضحايا الحروب، كما تفوق عدد محاولات الانتحار الفاشلة عدد المنتحرين بعشرين مرّة على الأقل

ثلاثاء, 28/03/2017 - 10:48

          ​