“تحية من مانشستر” على صاروخ بريطاني في سورية ومعانيها
“السياسة الخارجية لحكومة بلاده تغذي الإرهاب أكثر من مكافحته.. نحن بحاجة إلى إيجاد طريق أكثر عقلانية من أجل تخفيض نسبة الخطر الذي تشكله الدول الداعمة والمصدرة للإرهاب”. زعيم حزب العمل البريطاني المعارض جيريمي كوربين.
تحية من مانشستر هو ما خُطّ على صاروخ ليزري من نوع “بايف واي، Pavewayy” ألقاه جيش المملكة المتحدة، (RAF)، على سوريا. صور الصاروخ المحمل على مقاتلة بريطانية متوجهة لقصف مناطق في سوريا انتشرت كالنار في الهشيم على شبكات التواصل الاجتماعي و أكدت مصادر في وزارة الدفاع البريطانية صحة هذا الخبر، موضحة أنه “لم يتم التعرف بعد على الشخص الذي كتب العبارة المذكورة “! من دون أبسط تحقيق! وكأن من يقوم بمثل هذه العمليات العسكرية في سوريا أو وفي المريخ غير مسجلة أسماؤهم ورتبتهم ومهامهم بحذافرها!!
لئن كنا نسجّل مرة أخرى تعاطفنا ووقوفنا مع ضحايا الهجوم الإرهابي الدموي، الذي استهدف قاعة حفلات في مانشستر البريطانية، وسقط فيه من لا ناقة لهم ولا جمل في الذي يحصل، فإننا نؤكد مرة أخرى ومع زعيم حزب العمل البريطاني المعارض جيريمي كوربي،Jeremy Corby، الذي أفاد في تصريحات سابقة، “أن السياسة الخارجية لحكومة بلاده تغذي الإرهاب أكثر من مكافحته” مشدّدا على أن البريطانيين والغرب عموما “بحاجة إلى إيجاد طريق أكثر عقلانية من أجل تخفيض نسبة الخطر الذي تشكله الدول الداعمة والمصدرة للإرهاب”!
كيف يتصرف جيش نظامي وأي عقيدة عسكرية هذه تسمح بهكذا تشفي وعنجهية؟ متى سيستوعب هؤلاء أنهم بهكذا سلوكات لا يفعلون سوى تغذية مشاعر الكراهية والعداء التي يتمعش منها هذا المارد الذي أخرجوه هم من قمقمه عصا يهشون بها على مصالحهم الإستراتيجية ولهم فيه المآرب أخرى؟
صورة بهذا الشكل ومن هكذا مصدر يغني الإرهابيين عن الأبلغ من ألف بيان كراهية وعرائض التكفير والدمغجة.
كيف تكتفي وزارة الدفاع البريطانية بتأكيد الخبر والتنصّل بالقول “إنها لم تتأكد من الكاتب؟” وكأن إلقاء القنبلة على معاقل تنظيم داعش سيستثني المدنيين السوريين من جرائم حربهم؟
كيف يمكن استغلال اسم مدينة منكوبة وحشرها بتشف وانتقام في معركة تدور منذ أكثر من عامين ولم يصدر هذا الجيش العتيد مجرد بلاغ اعتذار عن جريمة حرب طالت مدنيين؟
أي حماقة هذه التي تجعل جيش نظامي يتصرف كجيش الإحتلال الصهيوني يوم “أذاق” أطفال غزة من مثل هذه الهدايا؟!!
هاريات وليامسن ،Harriet Williamson ، كتبت محقة في صحيفة ”الأندبندنت، The Independent “ البريطانية “أنا ممتعضة حدّ القرف من صنيع جيش المملكة، كيف تجرؤون على أن تفعلوا ذلك باسم مدينتي؟”
تواصل وليامسن في مقالها دون مواربة قولها “إن قتل وتشويه الناس في الخارج لن يعيد ضحايا مانشستر. كما إن ذلك لن يساعد المدينة أو الأسر المدمّرة من أولئك الذين لقوا حتفهم للشفاء أو العثور على الراحة. كما لن يعاقب الرجل الذي ارتكب الفظائع. إن قنبلتكم ليست مضمونة حتى لمعاقبة المتورطين في تنظيم داعش!!!”
وتخلص الكاتبة إلى أن “إن الكلمات المكتوبة على القنبلة هي مثال خاطئ لكل ما في نهجنا الحالي لسياستنا الخارجية وميلنا لتمويل الصراعات الفوضوية التي تزيد من زعزعة استقرار البلدان وتهيئ الظروف المثالية لتزدهر التطرّف”! وتنتهي إلى أن هذا “هو تجسيد لمبدأ “العين بالعين”، الذي نعلم جميعا أنه سيترك العالم كله أعمى”!
كوربي كان قالها لمن به صمم أو يمارس بعد حالة الإنكار إن “الحرب على الإرهاب لا تعمل لأنها لا تضمن أمننا فى بريطانيا. وما حدث في ملعب مانشستر هذا الأسبوع هو دليل كاف عن ذلك”!! مؤكّدا أن “مسؤولية الحكومة البريطانية هي في التقليل إلى أدنى حد من فرضية الهجوم الإرهابي، وضمان حصول الشرطة على الموارد التي تحتاج إليها، وأن سياستها الخارجية تقلل من التهديد الذي تتعرض له هذه الدولة، وتعمل على التقليص من الحريات التي حصلنا عليها. “!
خير ما تختم به هاريات ويليامسن مقالها هو صرخة بمثابة نداء أن: “حافظوا على قنابلكم ! لا تطلقوها لا باسمي، ولا باسم مانشستر”!!
*باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس
نبيل نايلي
خميس, 01/06/2017 - 10:45