
لم تكن خرجات الوزير الأول ورئيس الحزب الحاكم اعتباطية وخصوصا فيما يتعلق بإعادة الحديث عن المأمورية الثالثة وهو الأمر الذي ظن البعض أنه أصبح متجاوزا بفعل تصريحات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في أكثر من مناسبة بأنه لن يترشح لمأمورية ثالثة.
من الخطأ الاعتقاد بأن تصريحات الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين ورئيس الحزب الحاكم الأستاذ سيدي محمد ولد محم بأن النظام باق لما بعد 2019 اعتباطي، فموقع الرجلين على رأس الجهازين السياسي والتنفيذي للسلطة يوحي بأنها لم تأت من فراغ بل جاءت بناء على استيراتيجية محكمة التخطيط والتوقيت.
فالتصريحات جاءت بعد تصريح لرئيس الجمهورية في مقابلته الأخيرة مع راديو فرنسا الدولي حين سئل إن كان سيترشح لمأمورية ثالثة 2019 بعد انقضاء مأموريته الحالية بقوله " نحن مازلنا في 2017 وسأحترم الدستور " والتي حملت رسالة سياسية ذات مغاز بعيدة، فالعبارة على سطحيتها مطاطة في مضمونها.
إن تفعيل المادة 38 من الدستور، واصرار الرئيس في قضية تمرير التعديلات الدستورية ليس من أجل عيون التعديلات الدستورية بحد ذاتها، بل هو خطوة أولى نحو الترشح لمأمورية ثالثة في ترتيبها أولى في قانونيتها باللبوس الجديد.
ففي حال تمرير التعديلات الدستورية وفق المادة 38 من الدستور وإنشاء مجالس جهوية ذات صبغة تشريعية فإن الجمهورية بذلك تكون قد تغيرت شكلا وقانونا وبالتالي فإن الأمر سيستدعي استبدال الدستور القديم بآخر جديد تقننه المادة 38 نفسها والتي تمنح رئيس الجمهورية الحق في استشارة الشعب في القضايا الكبرى وفق استفتاء شعبي يتم وفقه الإعلان عن الجمهورية الثالثة، وهو ما سيسمح للرئيس محمد ولد عبد العزيز أن يترشح لمأمورية أولى شرعية تحت غطاء الجمهورية الثالثة دون أن يمس الدستور أو يحنث باليمين الدستورية التي تنتهي صلاحيتها مع أفول نجم الدستور القديم وبزوغ نجم دستور جديد.
أتلانتيك ميديا