مجزرة المواقع !

عندما تكون بلادك تحت احتلال فإن أكبر تطلعاتك هي الحرية، وأكثر احتياجاتك هي الحرية؛ لأن المعركة مع المحتل معركة صعبة تحتاج إلى إطلاق الخيال وإبداع المقاومة في تكبيد الاحتلال أثماناً غالية في طريق التحرر والاستقلال قبل أن تحين ساعات المعارك الفاصلة.


لذلك فإن الاحتلال يعدّ الحرية عدوّاً له فيسعى إلى تقييدها وضربها بكل سياسة يقدر عليها وبسقوف عالية، فلا تكاد تجد فلسطينياً إلا تعرّض للأسر حكميّاً أو إدارياً، ولا تكاد تصل إلى قرية أو مدينة إلا بعد أن تمر بحواجز المحتل الثابتة والطيارة، ولا تصل إلى مرادك في أي خدمة أو حاجة أو اضطرار إلا عبر أوقات صعبة ضيقة غليظة يمارس فيها المحتل كل أشكال التقييد المتاحة له.

أي قرار إعلامي يمس الإعلام الفلسطيني ويسعى لحجبه أو تقييده أو تحديد مساراته في سياق المقاومة والانتصار للوطن فإنه قرار صهيوني إسرائيلي بامتياز

وحرية الإعلام المقاوِم أو الموضوعيّ المحايد الباحث عن الحقيقة أو الذي يصف الواقع ويقدّمه دون تزييف أو احتيال أو تحوير سيكون أول ضحايا الاحتلال.

لذلك فإن الحرب الإعلامية على الإعلام الفلسطيني هي حرب على الحرية، وهي معركة صهيونية بامتياز يستخدم فيها المحتل كل أدواته لإقصاء الإعلام وهزيمته لتبقى روايته هي السائدة.

من هنا فإن أي قرار إعلامي يمس الإعلام الفلسطيني ويسعى لحجبه أو تقييده أو تحديد مساراته في سياق المقاومة والانتصار للوطن فإنه قرار صهيوني إسرائيلي بامتياز، ولا يمكن أن نفهم قرار السلطة الفلسطينية بحجب العشرات من المواقع الفلسطينية المنحازة إلى مجالها الطبيعي المقاوِم إلا أنه قرار إسرائيلي محض ولا يخدم سواها، وأن الواجهة الفلسطينية التي اتخذت القرار هي طليعة إسرائيلية متقدمة في مواجهة الجبهة الفلسطينية المحاصَرة.

إن مجزرة الإعلام التي ترتكبها السلطة إعلان رسمي بانتهاء عصر التضليل الإعلامي بأن لدينا سلطة وطنية فلسطينية وأن هذه السلطة هي مجرد غطاء بلديّ ينوب عن الاحتلال في إدارة شؤون الناس؛ حيث إن القوانين الدولية تجعل مسؤولية الشعب الواقع تحت الاحتلال هي مسؤولية المحتل.

الحجب سلاح العاجزين الضعفاء، وليس أمام التكنولوجيا ما يمنع الناس من الوصول إلى فضاء المعرفة الإلكترونية، ولن تعود هذه القرارات على أصحابها إلا بالخيبة وسقوط الأقنعة المزيفة

أشعر بالأسى على هذه السلطة التي تنهار كل جدرانها الوهمية التي حاولت دهان قشورها بالكثير من الشعارات المغلفة بالخديعة لتمرير وظائفها، بل لم تستطع أن تقنع سيدها الإسرائيلي بأن هامش الحرية قد يكون مفيداً لاستمرار قدرتهم على تلميع وطنيتهم.

وعلى كل حال، فإن الحجب سلاح العاجزين الضعفاء، وليس أمام التكنولوجيا ما يمنع الناس من الوصول إلى فضاء المعرفة الإلكترونية، ولن تعود هذه القرارات على أصحابها إلا بالخيبة وسقوط الأقنعة المزيفة.

التحية لكل مواقعنا الفلسطينية المقاتلة في الجبهة الإعلامية، والتحية لشيخ المواقع الفلسطينية وأضخمها وأكبرها سنّاً: "المركز الفلسطيني للإعلام".

 

د. أسامة الأشقر

خميس, 29/06/2017 - 14:37

          ​