ما بعد الاستفتاء ..معارضة من رحم الموالاة وموالاة من رحم المعارضة..!

في موريتانيا كل شيء مختلف كل شيء يمكن أن يتغير حتى ينتقل إلى ضده في لحظة واحدة، حتى ترى فصول السنة في اليوم الواحد، وليست السياسة سوى ساحة لتجسد كل مظاهر ذلك التغير والتناقض، فكل ما كانت البلاد على استعداد لانتخابات سياسية فإن كل مفاهيم السياسة تتغير وتحل محلها أخرى أقرب للنقيض، ثم إن الشعب الموريتاني بلغ مبلغا في حب التحاليل السياسية وكثرة التفاسير والبحث عما رواء الخبر حتى أصبح يتيه في طرح فرضيات أبعد من  منال العقل والمنطق في سبيل قراءة المستقبل القاتم للسياسة المحلية..

فقد أصبح من البديهي هنا في موريتانيا أنه لا وجود لموالاة صادقة كما أنها لا توجد معارضة بالمعنى الصحيح؛ تلك المعارضة التي تدافع عن حقوق الشعب وتقف في صف المواطنين الضعفاء والمظلومين وتقدم مصلحة الوطن على خدمة جيوبها، فمنذ الاستقلال وحتى اليوم تظهر أسماء تطلق على نفسها معارضة لكنها في الحقيقة ليست كذلك فهي إنما تعارض الأنظمة سبيلا إلى مغازلة النظام الحاكم، وعند أول عرض تناله من النظام تعود عن صبوتها وتجب ما قبل ذلك

لو أن لنا معارضة صادقة لكانت دعت روادها ومواليها أن يسجلوا على اللوائح الانتخابية ويصوتوا ضد التعديلات الدستورية الراهنة لتظهر مكانتها وقيمتها بين الجميع، وإلا فلماذا ترفض التصويت؟ فلو أنها صادقة لأمرت أتباعها بالتسجيل والتصويت ضد التعديلات ولكانت وجدت نسبة تذكر، فماذا تخاف المعارضة يا ترى؟ إننا اليوم على يقين من أن التعديلات الدستورية ستنجح بتفوق وأن المعارضة ستصوت بنعم على تلك التعديلات الدستورية.

إن أقرب موقف مشاهد اليوم من المعارضة الحقيقية هو ما ينتهجه بعض الموالاة في سياستهم حيث يظهرون الولاء المزيف لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في حين أنهم لا يقفون فقط في صف النظام، بل يخططون لإسقاطه وتسويف برامجه وأفكاره، إن المعارضة الحقيقية هي ما يوجد داخل النظام نفسه، لكن تلك المعارضة لا تملك من أمرها ما تبدي به مواقفها ولا تستطيع إبداء مواقفها الصريحة، بل تبقى مختفية في جلدها الكاذب كأي حرباء تتلون بلون الأرض التي تقف عليها لتحافظ على حياتها.

وليست قضية الشيوخ سوى دليل قاطع على أن هناك داخل موالاة الرئيس محمد ولد عبد العزيز من يعمل ضده وبكل قوة، حيث أن الشيوخ صوتوا بأغلبية كبرى ضد الاستفتاء وأغلبيتهم من الموالاة، فما حقيقة الموالاة وما هي أبعاد الولاء للنظام؟

 متى سيدرك ولد عبد العزيز أن ألد أعدائه هم داخل نظامه؟ وأن معارضته اللدودة هي تلك الجماعة التي تختفي داخل أروقة نظامه وبالقرب منه، وتبدي به النصح والرشد وتتفاءل أمامه الخير، وفي نفوس أصحابها ما بها

لقد أصبح الجميع على وعي تام بأن ولد عبد العزيز يملك أغلبية كبرى وله شعبية تفوق شعبية المعارضة، لكن التعديلات الدستورية التي على الأبواب هي بداية رحلة سياسية جديدة ستشهد تقلبات كبيرة في الموازين والمصطلحات الشائعة في الساحة السياسية، فقد نشاهد ميلاد معارضة جديدة   من رحم الموالاة، كما سنشاهد بروز موالاة جديدة تولد من رحم المعارضة الأصلية داعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز.

اتلانتيك ميديا

سبت, 22/07/2017 - 10:03

          ​