الشهيد محمد أحمد ولد أخطور 1885 ـ 1934 مقاوم من الطراز الأول

عاشت موريتانيا أيام الاحتلال الفرنسي إحدى أروع فترات تاريخها، سطر خلالها محاربون، شجعان أشداء، ملامح بطولية تاريخية. و لئن أنصف الدهر بعضهم فذاع صيته فإن الأمر لم يكن كذلك مع البعض الآخر فطاله النسيان. و من هؤلاء نذكر الشهيد محمد أحمد ولد أخطور الذي كان من أشد المدافعين عن الكرامة و شرف الأمة و حريتها و هو من كتب بدمه أسطرا ناصعة في سجل مقارعة المحتل الفرنسي، حفظتها للتاريخ مصادر متعددة مروية و مكتوبة تؤكد التزامه الذي لم يتزعزع يوما بنهج مقاومة الاستعمار، ما خوله يومها محالفة و مصاحبة كبار المقاومين و منهم أمير آدرار. في كتابه " رمال من نار Sables de feu" يصف جان دسمJean d’Esme " مطاردة المقاومين في آدرار (سيد أحمد عيده، محمد أحمد ولد أخطور، حمدي ولد لكرع و آخرين) بأنها سباق مع الزمن. و هي المطاردة التي لم تكن أمرا مريحا بالنسبة للنقيب "لكوك Le Coq " قائد فرقة شنقيط المتنقلة و أعوانه الملازم "موسات Mussat" قائد "كوم" نفس الفرقة المتنقلة، و العريف "نكروني Negroni". و بشجاعته النادرة التي لم تكن يوما موضع خلاف، أقدم ولد أخطور على اغتيال الملازم "موسات Mussat" في "البيظ" الذي كان أرسل لانتزاع هدنة مع المجاهدين. و قد تمت عملية الاغتيال هذه بعدما أعد ونصب كمين بذكاء استطاع أن بتجاوز الترسانة الهائلة من العتاد و الرجال من حول النقيب و يخرق الإجراءات الأمنية المشددة المتخذة بحيطة كبيرة. و لما كان الجرح، الذي سببته هذه العملية غائرا، أعطى السلطات الفرنسية إحساسا بالطعن في الصميم و شعورا بالمرارة، فقد أطلقت حملة شرسة للبحث المضني عن المجاهدين، و لم تدخر في ذلك أي جهد للوصول إلى الغاية الدنيئة ما أسفر عن مصرع سيد أحمد ولد أحمد عيده في وديان الخروب علي أيدي رجال النقيب "لكوك Le Coq". و هنا أيضا ضرب ولد أخطور مرة أخرى، حيث سقط العريف "نكروني Negroni" على يده و تلقى هو ثلاث رصاصات لم تمنعه من الانسحاب و معه غنائم معتبرة من ضمنها أسلحة و بعض الجمال. ولأنه لا مفر مما يخبئ القدر، فقد لقي المقاوم و البطل مصرعه على يد غادرة لأحد أقربائه أثناء تأدية صلاة المغرب و ذلك بإيعاز من النقيب "لكوك Le Coq"، قائد دائرة آدرار و بالتعاون مع حلفائه من الخونة. و بعدما استطاع الاستعمار وضع حد لمقاومة باسلة امتدت من معركة "تيشيت" سنة 1911 إلى غاية معركة "وديان الخروب" سنة 1932 التي انطفأت معها شمعة أحد أجل المقاومين للاستعمار الفرنسي في موريتانيا الشهيد المغفور له محمد أحمد ولد أخطور نرجو له من العلي القدير، و لكل شهداء الأمة الذين سقطوا في ساحة الشرف أن يتغمدهم برحمته الواسعة و يسكنهم فسيح جناته إنه سميع مجيب. و لأن الأمة مدينة لهم بالعرفان و بالتكريم و الإجلال، فهي مطالبة بمنحهم، خلال الاحتفال بمرور خمسين سنة علي نيل البلاد استقلالها، حقهم كاملا غير منقوص ليتبوؤا المكانة اللائقة بهم في ذاكرة البلد و الأمة.
اثنين, 31/07/2017 - 16:09

          ​