"آتلانتيك ميديا"تنشر نص خطاب ولد عبد العزيز امام قادة العالم

(نص الخطاب): أود في البداية أن أتوجه بخالص الشكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية فخامة السيد باراك أوباما على قيادته عموما وعلى مبادرته في إطار هذه القمة خصوصا، وهي القمة الأولى من نوعها بين إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية. كما أود أن أشكر أشقائي وشقيقاتي أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية

 الذين شرفوا بحضورهم هذه القمة الهامة والتي تعتبر مساهماتهم عاملا حاسما في نجاحها.

وأغتنم هذه الفرصة لأحيي الشتات الإفريقي في الولايات المتحدة الأمريكية على دوره الهام في تطوير وتعزيز العلاقات بين أمريكا والبلدان الإفريقية وأشكره كذلك على الصورة الجيدة التي أعطاها عن قارتنا العزيزة، إفريقيا.

إن هذه القمة ستكون مناسبة لرؤساء دول وحكومات إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية يتبادلون فيها وجهات النظر حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك خاصة تلك التي يتضمنها جدول الأعمال مثل: -الاستثمار في مستقبل إفريقيا -السلم والأمن الإقليميين  -الحكامة من أجل الأجيال القادمة إضافة طبعا إلى المواضيع المرتبطة بالتنمية والتي ستحظى بالاهتمام خلال القمة نظرا للفرص الواعدة والآمال الكبيرة نتيجة ما تزخر به القارة من موارد طبيعية ونسبة نمو مرتفعة في بلدانها من جهة والقدرات المالية والتكنولوجية للقوة الاقتصادية الأولى في العالم من جهة ثانية.

وفي هذا السياق فإن التنمية المستدامة الشاملة وتطور النمو الملحوظ في إفريقيا سيشكلان أهدافا استراتيجيه ستتناولها القمة ضمن مواضيعها.

  ويتعلق الأمر هنا بضرورة إدراك أهمية الفرص في إفريقيا وتطوير الشراكة في القطاعات الأساسية للاقتصاد مثل الزراعة والطاقة والتجارة والنقل واستغلال الموارد الطبيعية. إن التحول المنشود في إفريقيا وفق رؤية 2063 يستدعي استثمارات ضخمة وتوجيه أفضل لثمار النمو في القارة من أجل الحد من الفقر. فتوسيع النفاذ لخدمات الطاقة من بين أولوياتنا مع منح نصيب أكبر في هذا المجال للطاقات المتجددة الأقل تكلفة وأكثر ملاءمة للبيئة.

فالتوقعات الديمغرافية تفيد أن سكان القارة سيتضاعف عددهم مع حلول 2050 وهذا الكم البشري يعتبر رأسمال وثروة حقيقية لإفريقيا إذا ما تم تركيز الاستثمارات على توفير الرعاية الصحية لكل إفريقي وضمان نفاذ كل الأبناء لتمدرس نوعي، عندها يكون كل إفريقي قادر على صنع مصيره بنفسه. يشكل الشباب شريحة مهمة وأساسية في أي بناء تنموي مما يتطلب فهمها ودعمها بتوفير الظروف الضرورية لتفتق قدراتها وتحرير طاقاتها فالشباب دعامة أساسية من دعائم التنمية. فقارتنا تشكل نسبة الشباب دون 30، 60% من سكانها وعليه فإن ما تشهده من نمو اقتصادي يجب أن يوفر ما يكفي من فرص العمل الدائمة لملايين هذا الشباب.

وفيما يخص المؤشرات المتعلقة بالتغطية الصحية فإنها تعتبر مقلقة رغم التقدم الذي أحرز في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة في مجالات الوقاية من الأمراض وتعزيز النظم الصحية والاستثمار في الموارد البشرية في القطاع الصحي. وفي هذا السياق يظل مرض نقص المناعة السيدا والسل يشكلان تهديدا خطيرا على صحة سكان إفريقيا لذلك حظيا بمبادرة خاصة من طرف رؤساء الدول والحكومات.

من جهة أخرى لا شك أن الاستثمار في القطاع الزراعي الرعوي سيمكن بالتأكيد، ليس فقط من ضمان تحقيق الأمن الغذائي لقارتنا، وإنما سيمكن أيضا من توفير فرص العمل بصورة دائمة وزيادة القيمة المضافة لمنتوجاتنا ويجعل نسبة النمو أكثر شمولية لصالح الشباب والنساء في الوسط الريفي.

وبما أن قطاعي الزراعة والرعي يواجهان مخاطر كبيرة في مقدمتها التغيرات المناخية فإن على سكان القارة أن يتحلوا بمرونة أكبر ويتأقلموا مع مقتضيات المحيط الجديد. فإفريقيا تتوفر على سوق واسع يزيد على مليار مستهلك ولكن حجم التبادل التجاري فيما بين البلدان الإفريقية مازال ضعيفا ونصيب القارة من التجارة الدولية ضئيلا رغم التطور الايجابي المسجل خلال السنوات العشر الأخيرة .

وفي هذا المجال نقدر مبادرة النمو وفرص العمل في إفريقيا "ءادء" ونأمل أن تزيد تأثيراتها الايجابية بتوسيع مجال عملها لاستفادة الدول منها أكثر وتعزيز صادرات القارة من الإنتاج.

إن إفريقيا تواجه بؤر توتر مدني ونزاعات مسلحة بعضها في طريق الحل ولكن التحدي الأكبر على المستوى الأمني يبقى بالتأكيد هو الإرهاب والتهريب الذي يغذي هذه الظاهرة البغيضة. وفي هذا الإطار وضع الاتحاد الإفريقي أدوات مهمة لمواجهة هذا الوضع مثل مجلس السلم والأمن والهيئة الإفريقية للسلم والأمن.

كما قام الاتحاد بخطوة مهمة بإقامة هيئة افريقية للرد السريع على الأزمات وهذه الهيئة سيتم تعزيزها وتقويتها في القريب العاجل بإذن الله. إن موضوع مستقبل إفريقيا يشغلنا جميعا لأكثر من سبب لذلك علينا أن نأخذ في الحسبان في حكمنا الحاضر مستقبل أجيالنا القادمة.

علينا أن نترك لهذه الأجيال قارة مزدهرة تنعم بالسلم والاستقرار خالية من الفقر والأمراض. لقد أثبت نموذج الديمقراطية التعددية نجاعته كطريقة وحيدة للحكم الذي يستجيب لتطلعات الشعوب ويضمن استمرارها.

وفي هذا الإطار بذلت الدول الإفريقية جهودا كبيرة وحققت تقدما ملحوظا خاصة في مجالات ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون وترقية حقوق الإنسان وحماية الحريات الفردية والجماعية وإشراك المرأة والشباب في الحياة العمومية وتنظيم وتسيير العمليات الانتخابية بشفافية وانتهاج الحكم الرشيد.

إن التسيير الجيد للموارد الوطنية وتنقية الماليات العمومية عن طريق المحاربة الصارمة لظاهرة الرشوة وغيرها من أشكال سوء التسيير تم من خلال وضع سياسات وطنية ناجحة على مستوى القارة مكنت من تعبئة موارد هامة تم استثمارها في مجالات ذات أولوية مثل التهذيب والصحة والنفاذ لخدمات المياه والكهرباء وتعزيز البنى التحتية.

وقبل أن أنهي كلمتي أود أن أشكر وأهنئ " آمٌىم م ىَ ءنْىكف" و "ءنْىكف24" على تنظيم هذا الحدث المهم على هامش القمة الأولى إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ثلاثاء, 05/08/2014 - 08:16

          ​