هل يحصل «السيسي» على جائزة نوبل للسلام من بوابة «الإخوان»؟

بعد حصول الرئيس الكولومبي "خوان سانتوس" على جائزة نوبل للسلام،

بعدما تصالح مع جماعة "فارك" التي تنتهج العنف وتمارسه ضد الدولة، حيث دعاهم لأكثر من مرة للابتعاد عن العنف؛ حتى يعيش المجتمع في أمان كامل، وما إن وافقوا على هذا، تصادم الواقع برفض شعبي كبير، فحاول "سانتوس" مرات أخرى، حتى احتكم الجميع لصندوق الانتخابات، وكانت النتيجة مخيّبة لآماله فقد قال الشعب "لا" للمصالحة.

 ولكن في نهاية المطاف أعلنت الجماعة تخليها عن العنف كليًّا، وألقت سلاحها، وأرشدت عن كل قطعة منه في مخابئها، وقررت تشكيل حزب سياسي ينافس في أقرب انتخابات، على أن يحترموا الدستور القائم، فكان السؤال هل من الممكن أن تنتقل التجربة إلى المشهد السياسي المصري في ظل توتر العلاقة وتأزمها بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين منذ ثورة 30 يونيو، وهل يمكن أن يخوض الرئيس "السيسي" هذه المجازفة من أجل وطن بلا انقسامات، تؤدى به إلى الفوز بجائزة نوبل على خطى "سانتوس".

من جهته، صرَّح الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية بقوله: "نحن منذ 3 سنوات نتحدث عن المصالحة وعن تقريب وجهات النظر بين الفقراء جميعًا، فلابد أن يجتمعوا من خلال مصالحات أو انتخابات، بشروط يجري التفاوض عليها، وأرجو من الرئيس السيسي أن يأخذ المبادرة قبل الانتخابات المقبلة".

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"المصريون": "إذا حدث ذلك من موافقة الرئيس السيسي على المصالحة، كما حدث في تجربة كولومبيا، لا بدَّ أن تصدر من الرئيس شخصيًا؛ فنحن في حاجة إلى حقن الدماء المتزايد والمستمر؛ فالمصريون قاموا بـ"ستة" استفتاءات استحقاقية ديمقراطية في السنة الماضية من أجل إتمام الديمقراطية، فلماذا لم يضعوا المصالحة مع الجماعة داخل الصناديق الانتخابية ليقرر الشعب مصيره، وأنا حاولت أن أتواصل مع أعضاء من مجلس النواب في العام الماضي لطرح فكرة المصالحة لكني لم أصل لشيء".

وأشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين بها نحو 800 ألف إخواني، وهو ما يدل على أنهم بأسرهم يصولون تقريبًا إلى 5 أو 6 ملايين نسمة، وهو عدد كبير جدًا؛ فكيف لدولة أن تخسر هذا العدد وتدخل معهم في صراع طويل الأجل من أجل أن يعيش طرف ويُباد الآخر، فلا يصح أن نتجاهلهم جميعًا من أجل مصالح خاصة وضيقة.

وأكد "إبراهيم" أن المصالحة قادمة لا محالة؛ لأن حوادث العنف المتكررة في سيناء والعريش "لا تسر عدوًا ولا حبيبًا"، وأيضًا المدنيين الذين يستشهدون بلا أي ذنب، فلا يصح أن نسمع كل يوم عن 15 شخصًا من أفراد الجيش والشرطة وشباب من جماعة الإخوان.

وفى نفس السياق، قال جورج إسحاق، القيادي المصري بتحالف التيار الديمقراطي، إن التجربة الكولومبية ليست بعيدة على مصر، ولكن الآليات غير متاحة حاليًا؛ نظرًا لأن الرئيس لم يفعل ذلك، والجماعة أيضًا بشبابها لم تتجه إلى هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أن  التحدث عن المصالحة لا يفيد بسبب ما ارتكبته من عنف، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسي لن يقوم بمصالحة مجتمعية مع هذه الجماعة نهائيًا".

 وأضاف "إسحاق" خلال تصريحات خاصة لـ"المصريون": "لا يمكن أن يكون هناك تصالح مع هذه الجماعة؛ بسبب تحول العمل السلمي للعنف من خلال منظمات إرهابية مثل "حسم"؛ فالمسالة خرجت عن مصادر التصالح، كما أن الإخوان خدعوا الشعب بأكمله لفترة طويلة، وتابع: "هذه الفترة هي فترة دخول الانتخابات الرئاسية، والمرشحون يحتاجون إلى عملية تلميع".

وفى سياق متصل، قال حافظ أبو سعدة، رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: "أتمنى أن تمر تجربة كولومبيا على مصر في أسرع وقت ممكن ومتاح، ولكن التاريخ يقول إن المصالحات تأتي بعد فترة طويلة جدًا وليست قصيرة، من أجل التواصل من جديد وفتح نوافذ للحوار وتغيير وجوه الأزمة حتى لا يستمر الاحتقان الداخلي بين الأشخاص، مما يتسبب في تفاقم الوضع مرة أخرى".

وأضاف "أبو سعدة" في تصريحات خاصة لـ"المصريون": "تجربة كولومبيا ورئيسها الذي حصل على جائزة نوبل للسلام العام الماضي، مرّت قبل ذلك مع الهنود الحمر والأمريكان، وأنهيت العمليات المسلحة وتم التفاوض مع الأمم المتحدة، وكان وقتها "بطرس غالي" الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، شاهدًا على ذلك، والموضوع مرتبط بالوقت وليس أكثر ولكن في النهاية المصالحة ستقام وأتمنى حدوثها في مصر قريبًا".

وأشار: "إذا حدثت المصالحة؛ فالرئيس هو مَن يتحمل المسئولية فيما تصل له الأمور، وهناك معادلة أخرى هي معادلة الشعب، فمن الممكن أن تطبق التجربة الكولومبية، فبعد أن يوافق الرئيس يرفض الشعب، إذًا آليات هذا الموضوع عن طريق القانون والدستور والديمقراطية من خلال صندوق الانتخابات حتى نصل إلى نتيجة مُرضية للجميع".

وعلى الجانب الآخر، قال الدكتور مصطفى علوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن أمر المصالحة بين الرئيس السيسي وجماعة الإخوان أصبح أكثر تعقيدًا؛  لأن الصراع بين الدولة والجماعة بات معقدًا ومهددًا؛ بسبب ما حدث منهم من تخريب وتدمير أصاب البلاد وشعبها.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"المصريون": "على حد علمي أعتقد أنه لن تحدث مصالحة نهائيًا بين هذه الجماعة، وإذا حدث ذلك لا يمكن أن توفر آليات في ظل التغيرات التي نعيشها والمواقف الصعبة التي تمر بها البلاد".

وتابع: "إذا حدث مصالحة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي  وجماعة الإخوان سوف يستقبل الشعب هذا الأمر بالترحيب؛ لأنه سبق له وغيّر رأيه في عام 2012 أثناء انتخاب محمد مرسي وتأييد حكم الإخوان".

واختتم كلامه قائلاً: "يجب على رئيس الجمهورية أن يتواصل مع القوى السياسية في المجتمع لمراجعة هذا الأمر الذي يصعب تنفيذه"، على حد قوله.

 

 

المصريون

أربعاء, 16/08/2017 - 08:52

          ​