بعدما أعلنت رئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية صباح اليوم إنشاء لجنة وطنية لاقتراح النشيد الوطني الجديد وذلك في مرسوم رئاسي؛ أصبحت اللجنة المعنية بتجديد النشيد امام تحد عظيم وحدث تاريخي ستتناقله الاجيال ويسيل حوله كثير حبر، حيث يعتبر النشيد الوطني أحد الثوابت الوطنية الكبرى، وأساس من أسس مجد الدولة، وليس بناءا يزاح بالرافعات والجرافات، عند انتهاء الصلاحية، وليس تغييره من القرارات التي تستقيم مع منهج الأمر والامتثال، لما يحمل من معان وطنية وروحية ولما له من قيمة تاريخية، بل إن تغييره هو تحد عظيم تملك جميع مكونات المجتمع الحق في المشاركة فيه.
ترى كيف سيتم استبدال ذلك النشيد الوطني الأصلي، الذي انتقل من قطعة شعرية توجيهية لعالم موريتاني من أسرة عظيمة لها مكانتها الاجتماعية الثابتة، إلى نشيد أمة ورمز دولة يمثلها في اللقاءات العالمية وأمام الجميع ويرفع عاليا عن كل دنس، ويحمل كل دلالات الاحترام والقيمة، فلقي قبولا كبيرا لا مثيل له في مختلف المحافل السياسية والاجتماعية التربوية، وصدحت به ألسنة الطلاب في مختلف بقاع الأرض وفي مختلف الظروف، وعاصر نشاة الدولة، وكان من النقاط المضيئة في ظلام الاستعمار.
تلك الورطة وذلك الامتحان الصعب هو ما يواجه عددا كبيرا من الأدباء القادرين على الانتاج لكنهم سيواجهون تاريخ أمة وثقافتها ومجدها، ومقترحاتها وفي طريقهم جملة من العقبات القوية، حيث توجد كلمات ومعان تضمنا النشيد الوطني الموريتاني لايمكن استبدالها باخرى دون تكرار المعنى، فهي مأخوذة من نص القرءان الكريم ومنهج السنة النبوية، وتصلح لكل زمان وكل مكان، ولكل شعب عربي مسلم.
بعيدا عن التعديلات الدستورية وعن المطارحات السياسية وما تلى ذلك من محدثات، وما يتربت على ذلك من متاهات ليس هذا محل تناولها، فقد كثرت وجهات النظر وتباينت المواقف صباح اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد وضع بعضهم جملة من الأسئلة كان من بينها:
كيف سيواجه الادباء قيمة النشيد الوطني القديم، كيف سيتفادون إرشادات بن الشيخ سيديا؟ وكيف سيبدلون إدماجه الخفي للمنهج الاسلامي القويم في بنية لغة يحاربها المستعمر وهو يومها على أرض الوطن؟ ومن أي باب سيخرج الادباء من مهمة القصر الجديدة؟
ديدي نجيب