تاريخ الاقتصاد البحري في انواذيبو وثائق وصور

تقع مدينة انواذيبو في شِبه جزيرة تدعى محليا بدخلت انواذيبو التي تبدأ من الرأس الأبيض جنوبا و يطلق عليه أيضا رأس انواذيبو و تنتهي شمالا بمنطقة تدعى راس الماء أو آطويفات، و يبلغ طول شبه الجزيرة 60 كلم تقريبا و عَرضُها يتذبذب حسب التضاريس و الانحناءات في الخليج الشرقي، و تحدد إحداثياتها علي الخريطة ب 21 شمالا و 17 غربا ويعود السبب الاساسي لإنشاء مدينة أنواذيبو لثلاث أسباب ( الموقع الجغرافي للمدينة وتوفرها علي مخزون هائل من الأسماك وإتخذها كميناء لتصدير الأسماك بعد أن أحتل الفرنسيون البلاد بدأت بعثاتهم الإستكشافية والعلمية تجوب البلاد من أجل البحث عن سبل تحقيق الأهداف الإقتصادية التي جاء المستعمر الفرنسي من أجل لذلك قررت السلطات الإستعمارية الفرنسية إيفاد بعثة إستكشافية إمتدت من الرأس الأبيض إلي رأس تيميرست وكانت هذه المهمة الأولي للباحث الفرنسي أكريفيل علي متن السفينة la guyan إمتدت هذه الرحلة من يناير 1905 وحتي يوليو من نفس السنة حيث أكد هذا الباحث غني المنطقة بالأسماك التي لاحظ وجودها بشكل كث.

ومن أجل إقامة مصائد للأسماك ومؤسسات، فإن الطرف الفرنسي في منطقة الرأس الأبيض (انطلاقا من قمة الرأس الأبيض وحتى الوصول إلى خليج ليفريي (Lévrier)( قد منحه في سنة 1893 إلى السيد: Charvet (مستعمر فرنسي ) على أساس عقد إيجار مدته 75 سنة. و بعد ثلاث سنوات تم استرداد هذه الأراضي مرة أخرى من طرف الحكومة الفرنسية حيث قامت بإلغاء عقد الإيجار.

ومع ذلك، فإن فرنسا قد سمحت لإسبانيا بمواصلة الصيد وعمليات التداول في الجزء الفرنسي من شبه الجزيرة. وقد أوصى باحثون فرنسيون باستغلال الموارد السمكية في المياه الموريتانية، التي وصفوها بأنها لا تنضب. وبالرغم من ذلك، فإن القضية التي رغم النظام الاستعماري الفرنسي في حلها قبل استغلال الموارد السمكية للمنطقة كانت ذا طابع أمني، وبالأخص كيفية منع غارات مجموعات البيظان؟

ثم إن عدم وجود المياه العذبة في شيه جزيرة الرأس الأبيض قد خلق أيضا عقبة أمام تنمية المنطقة.

ووفقا للدكتور أحمد سالم ولد العربي النهاه، فإن المخطط العمراني لانواذيبو (المقام في سنة 1906) يضم، من بين مساحات أخرى، قطعا أرضية مخصصة لتجفيف ولمصانع معالجة الأسماك في المنطقة المتاخمة لخليج الراحة. وقد شيدت الشركة الاستعمارية للصيد والتجارة مباني صناعية والمنازل ومساكن، بالإضافة إلى أماكن تجفيف ومحلات تجارية. حيث أنها تمتلك سفينتين للصيد البحري. ولكن موقع مصائد الأسماك، المنصوص عليه في مخطط سنة 1906 لم تكن ملائمة مما أدى إلى صعوبات تفريغ الأسماك التي يتم اصطيادها. وقد كان موقع مكان التجفيف في غير موضعه المناسب الشيء الذي لا يضمن جودة تجفيف الأسماك حيث كانت الأسماك تحتفظ بوجود الرمال العالقة بها. وقد جدت الشركة الاستعمارية للصيد والتجارة نفسها غير قادرة على البقاء في دائرة المنافسة بسبب ظروف معالجة الأسماك وكذلك ظروف رسو سفنها.

وعلاوة على ذلك، كانت الشركات البرتغالية التي يوجد مقرها في أنغولا أكثر تنافسية من تلك التي توجد في انواذيبو بسبب استغلالها للعبيد كيد عاملة. مما اضطر الشركة الاستعمارية للصيد إلى وقف أنشطتها. وقد قيم بمحاولة تجربة ثانية لإنشاء أماكن للتجفيف في نواذيبو بعد عام 1910 من طرف مالكي سفن بريطانيين من أجل خلق تعاونية لملاحة الصيد البحري.

وقد استخدمت القوارب الشراعية في الصيد في المياه الموريتانية وكانت عملية التجفيف الأسماك تجرى على الأرض. وقد تم تسويق منتجات هذه التعاونية بسهولة في الدول الواقعة في غرب إفريقيا حتى الوصول إلى نيجيريا. وقد كانت وسائل التفريغ كثيرا ما تكون فاشلة، ولكن هذه التعاونية قد اختفت، قبيل الحرب العالمية الأولى، وذلك بسبب الشقاق بين أعضائها. وقد شهدت أنشطة الصيد السمكي توقفا خلال الحرب العالمية الأولى من سنة 1914 إلى سنة 1918. وفي سنة 1919 قامت مجموعة من الرجال الصناعيين الفرنسيين بإنشاء الشركة الصناعية للصيد الكبير (SIGP) برأس مال قدره 8 ملايين فرنك.

حيث بدأت أنشطتها في 1924/1925 من خلال التوقيع على اتفاق مع الحكومة الفرنسية من أجل استغلال مرافق الرسو والتجارة والأنشطة وتوزيع المياه التي كانت تجلبها عن طريق قوارب من بوردو ومرسي وقد سك رجل الأعمال الفرنسي بيير باريس مالك الشركة عملة لهذا الغرض وقد كان نصيب الفرد الموريتاني من هذه المياه خمس لترات لليوم ونصيب الفرد الفرنسي خمس وعشرون لتر وقد وظفت في أوج ازدهارها كانت تشغل حدود 200 عامل و تشتري بعض منتوج ايمراكن من سمك أزول و تصدر جراد البحر إلى فرنسا أما الأسماك المملحة و المجففة فتصدر إلى جزر الكناري القريب بعد الاستقلال 1960 تم منح الصيد بموجب مذكرات التعاون الفرنسي الموريتاني لفرنسا التي وقعت على اتفاق مخزي يقول ان البواخر الموريتانية تصطاد في فرنسا والبواخر الفرنسية تصتاد في موريتانيا كأن موريتانيا لها بواخر فظهرت شركة كلفي الفرنسية التي هربت بالتمويل وتركت الحكومة الموريتانية تسدده وخلا تلك الفترة ظهرت جالية كبيرة من الكناريون الإسبان وأقيمت شركات بين الدولة وإسبانيا اهمها شركة إمابك وكحصيلة لصادرات الأسماك في سنة 1969 تم تصدير 6000 طن من الأسماك المجففة التي كانت تصطادها هذه القوارب الأسبانية وتم تصدير هذه الأسماك إلي دولة الكونغو ابرازفيل وكينشاسا والغابون كانت هذه الأسماك تصدر خصيصا للسوق الأفريقية و يرجع تاريخ ظهور صناعة دقيق السمك في موريتانيا إلى سنة 1965 وذلك على وجه الخصوص مع شركة SOMIP.

وقد كانت هذه الشركة تمتلك مصنعا له قدرة معالجة تصل إلى 600 طن يوميا من المواد الأولية. وبسبب الركود في إنتاج دقيق السمك وتكاليف الإنتاج التي كانت عالية جدا، فإن المصنع لم يكن مربحا وقد تم إغلاقه في عام 1974. وفي عام 1976، تمت إعادة فتح المصنع مرة أخرى في شكل مؤسسة مشاركة بين الموريتانيين والبرتغاليين وكانت تعمل تحت اسم COMAPOPE. وكانت COMAPOPE تمتلك مستودعا يتسع لـ 2500 طن من دقيق السمك وثلاث مخازن لزيت السمك بطاقة إجمالية تصل إلى 600 م3.

و في عام 1977، تم منح تراخيص للأساطيل الهولندية والكورية والروسية والاسبانية، الذين كانوا قادرين على توفير إجمالي قدره 20000 طن من المواد الأولية. و من ناحية أخرى كانت وحدة إنتاج تسمى IMAPEC ، مع فرعها لدقيق السمك التي كانت قادرة على معالجة 100 طن يوميا من الأسماك الطازجة.

وفي عام 1971، كانت هذه الشركة قد عالجت 25000 طن من المواد الأولية التي سمحت بإنتاج 5000 طن سنويا من دقيق السمك و 1250 طن من زيت السمك (حسب سيدي ولد الطالب وآخرين 2010). وابتداء من أواخر سنوات 70 و بدايات سنوات 80، وبسبب مردوديتها الضعيفة، فإن صناعة دقيق السمك على الأرض قد تم التخلي عنه وحلت محله الصناعة البحرية (سفن المصانع) وتجميد وتحويل السمك. وخلال السنوات الثلاث الماضية، كان هناك انخفاض في دقيق السمك المصنع في البحر (سفن المصانع) وعودة ظهور المزيد من صناعة دقيق السمك على الأرض. وقد ظهرت في ظرف 5 سنوات عدة شركات برؤوس أموال مختلطة. وعدد هذه الشركات قد أصبح في تزايد من سنة إلى أخرى.

وفي ثمانينات القرن الماضي ظهرت للوجود شركات مختلطة بين الدولة الموريتانية ودول أخري كشركة ساليمورم بين ليبيا وموريتانيا وشركة الماب بين موريتانيا والجزائر وشركة سيمار بين موريتانيا ورومانيا وشركة مافكو اليابانية الموريتانية وشركة سيمار بين موريتانيا ورومانيا وشركة مافكو اليابانية الموريتانية ....الخ ....وشركة واحدة وطنية هي سوفريما... وظهرت بعض مصانع دقيق وزيوت السمك التي سرعان ما اغلقت ابوابها... كانت تلك المرحلة اكبر مرحلة ذهبية ولكنها كانت نهبا لا مثيل له لانعدام الرقابة وضعف اجهزة الدولة...

 

عبد الباقي ولد العربي : باحث وناشط شبابي.

 

 

أربعاء, 25/10/2017 - 09:15

          ​