تمر هذه اﻷيام على اﻷمة العربية والإسلامية ذكرى مؤلمة لقلوبنا وفاضحة لكثير من المواقف العربية الرسمية المتخاذلة والضعيفة أمام جبروت المغتصب الصهيوني .. ولكن ظلت هناك استثناءات مشرفة لبعض الزعماء مثل جمال عبد الناصر وصدام حسين والملك فيصل والشيخ زايد... غير أني هنا سأعطي نموذجين واضحين من بلاد شنقيط اﻷبية موريتانيا حيث بدأت تلك المواقف البطولية للموريتانيين وزعمائهم مع الموقف التاريخي للزعيم الموريتاني أحمدو ولد حرمه ولد ببانه ،حين كان يمثل موريتانيا في البرلمان الفرنسي 1947 حيث عارض بشدة وشجاعة تقسيم فلسطين وطالب فرنسا وقف مساعداتها للكيان الصهيوني،بل وهددها بأنها إذا لم تتخل عن مساعدة الصهاينة فإنه سيعود إلى موريتانيا ويعلن منها الجهاد في سبيل الله،وكان لهذا التدخل وقع كبير في البرلمان الفرنسي..ثم استقال من الفرع الفرنسي للدولية العمالية احتجاجا على الاعتراف بإسرائيل .وقد ذكر السفير الفلسطيني في انواكشوط عدنان أبو الهيجاء : "لقد وقف أحد أقطاب السياسة الموريتانية وهو أحمدو ولد حرمة في سنة 1947 عندما تم قيام دولة الاحتلال في فلسطين ،وقف في البرلمان الفرنسي وموريتانيا ما زالت تحت الاحتلال الفرنسي ،بعد أن جمع حوله بعض المندوبين الأفارقة،ليقول:
" لو اعترفتم بإسرائيل فإننا سننسحب من هذا البرلمان".
كما أن الرئيس الراحل المختار ولد داداه كان له اﻷثر الكبير على قطع كثير من الدول الافريقية لعلاقتها مع الكيان الصهيوني .. وفي زمن قلت فيه المواقف الرجولية بعد الموقف الشجاع للزعيم ولد حرمة .. أعاد ولد عبد العزيز المواقف الرجولية إلى القرار السيادي المور يتاني بعد فترة من الميوعة والضعف ،وذلك بقراره الشجاع طرد السفير الاسرائيلي ،مما أثلج صدور الموريتانيين والفلسطينيين والعرب.. ولعلي هنا أذكركم بآخر مقال على جريدة القدس الذي قال فيه الكاتب : ابراهيم ابو سرية " لقد .. جاء الرد من بلاد شنقيط جاءت الشجاعة من ذلك البلد البعيد جغرافيا عن فلسطين ولكن القريب من نبض الشعب الفلسطيني ومعاناته..
وكان القرار الشجاع والبطولي لفخامة السيد محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية الاسلامية الموريتانية بالقطع الفوري للعلاقات مع ما يدعى بدولة الكيان الصهيوني ،وتم إنزال العلم الصهيوني الذي طالما بغضته عيون أبناء بلاد شنقيط من سماء نواكشوط وسطعت شمس العروبة من جديد فسجل بذلك الرئيس الموريتاني موقفا وطنيا وقوميا وإسلاميا وإنسانيا طالما حلمت أن تراه عيون الشعب الفلسطيني ولقد شارك السيد الرئيس في قمة الدوحة لمناصرة الشعب الفلسطيني ووقف العدوان عليه مما كان له اثر بالغ الاهمية والتقدير والعرفان بالجميل بين ابناء الشعب الفلسطيني ايضا وتم تسيير قوافل من المساعدات من شنقيط واحد واثنين وسواها من المساعدات من طرف ابناء الشعب الموريتاني بكل اطيافه فتوحد الجميع مع فلسطين وسجل بذلك الرئيس الموريتاني وقفة قل نظيرها في عالمنا العربي والإسلامي وقدم مثالا ودرسا لقادتنا العرب والمسلمين يحتذى به،إضافة إلى تقديم موريتانيا الدعم لفلسطين في المحافل الدولية ورعاية السيد الرئيس لأبناء الجالية الفلسطينية المقيمين في موريتانيا."هذه كلمة حق وإنصاف لرئيس موريتانيا فشكرا للسيد الرئيس وللحكومة الموريتانية وللشعب الموريتاني .فرحم الله الزعيم أحمدو ولد حرمه وولد داده وبارك في جهد وإنجازات ولد عبد العزيز الذي أعاد اﻷمل للموريتانيين في ذواتهم ومستقبلهم .. ورد الله أرض فلسطين التاريخية إلى أهلها ورد لنا القدس ندخلها مصلين بعد تطهيرها من الغاصبين.
عبد العزيز أحمد الشنقيطي
كاتب وإعلامي