قف.. السعودية خط أحمر

الحلقة الأولى (الطريق إلى مكة)

على أديم أرض السعودية المباركة وتحديدا بمطار جدة الدولي حطت الخطوط

 السعودية رحالها في حدود العاشرة ليلا، وكنت من بين الركاب الذين تجاوزوا المائة، من بينهم ما يقرب العشرة محرمين تلهج ألسنتهم بالتلبية..

في الجزء الآخر من المطار كان تلوح من بعيد خلية نحل في أزياء مختلفة بعضها مدني والبعض عسكري لا تكل من الحراك وكلما اقتربنا كانت ملامح الوجوه تتضح أكثر فأكثر، لتبين عن ابتسامات عريضة على الشفاه رغم التعب الواضح على الوجوه..

كان الاستقبال حارا وكان لضيوف الرحمن الجزء الأكبر من الاهتمام، فالنداء لهم يأتي بلهجة فيها إكبار وتقدير خاصين (أهلا بضيف الرحمن)، كانت الإجراءات تتم بسلاسة وسرعة فائقتين على الرغم من الإتقان الواضح فيهما..

خرجت من بوابة المطار إلى الباحة الأمامية، وما بين المطار والباحة كانت التحايا والتبريكات على الوصول تنهال علي من كل صوب وحدب ككل المحرمين (أهلا يا زائر، الحمد لله على السلامة)..

عند الباحة الأمامية يقف شباب سعوديون، يراقبون خروج المحرمين ويقومون بتوجيههم صوب الباصات المعدة لنقلهم والتي توقفت قريبا جدا من بوابة المطار، في رسالة واضحة أن لضيوف الرحمن خصوصية عند السعودية والسعوديين..

من مطار جدة توجهت رفقة صديقي العزيزين (محمد الأمين وحمزة) صوب مكة المكرمة والتي تبعد عن جدة بحدود الثمانين كلمترا، كانت الطريق سالكة وكانت نسائم الرحمة تداعب الوجوه كلما اقتربنا من مكة المكرمة...

الحادية عشرة والربع مساء توقفنا عند نقطة التفتيش على مدخل أم القرى الذي كتب عليه بكل اللغات (ممنوع الدخول لغير المسلمين) ننتظر دورنا في الطابور، وكالعادة كانت الإجراءات سلسة، وبابتسامة أشار لنا العسكري بالمرور لندخل في جو آخر، جو مغاير لكل أجواء الدنيا، إنه جو الرحمة والبركة، إنها مكة المكرمة التي خصها الله بأول بيت وضع للناس مباركا...

توجهنا مباشرة إلى الحرم المكي، وما أدراك ما الحرم المكي!!

في محيط الحرم فنادق تليق بحرمة المكان، هي عبارة عن فن معماري حضاري جمالي رهيب، تتلذذ العين برؤيته قبل الدخول إلى الحرم للتلذذ بمتعة العبادة..

داخل الحرم.. كان المشهد أجمل وأروع من أن يوصف، وكان الترحيب والتنظيم والتأمين للحرم مثاليا لدرجة لا تحس معها بأي ضغط أو تكدير صفو..

على كل بوابة من بوابات الحرم وفي كل اتجاه وعند كل ركن سعوديون ارتسمت على وجوهم – رغم جسامة المهام- رحمة قل أن تراها في أي بقعة من الدنيا يوجهونك ويعينونك على أداء مناسكك ويستجيبون بسرعة خيالية لكل محتاج أو ضائع داخل الحرم يبحث عن طريق أو خدمة أخرى..

هنا في مكة المكرمة تحس عظمة المكان وقيمة الزمان، تحس حقيقة الأرض وأهلها وتدرك تماما لماذا يحب المسلمون حكام هذه الأرض وشعبها كحبهم لأرضها بمقدساتها..

بادو ولد محمد فال امصبوع

(الحلقة الموالية.. الطريق إلى المدينة المنورة)

أربعاء, 07/03/2018 - 09:59

          ​