قف السعودية... خط أحمر/ الحلقة2 : الطريق إلى مدينة رسول الله

من مكة المكرمة وبعد أن أديت مناسك العمرة ونهلت من ماء زمزم المبارك وتعلمت دروسا في العطاء وحسن الخلق من مرتادي الحرم المكي وساكنة مكة المكرمة، قررت رفقة أصدقائي السفر إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم..

كانت المسافة ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة على طولها (440 كلم) رحلة روحانية أكثر منها جسدية، تحس معها وأنت تنظر عن يمينك إلى تلك الجبال الشاهقة والأرض الوعرة كيف هاجر سيد الأنبياء والمرسلين رفقة خير من مشى على الأرض بعد الأنبياء وكيف كانت رحلتهما المباركة على مشقتها (فداك أبي وأمي يا رسول الله)، تداعبك نسائم الرحمة وأن تستشعر الحدث الأعظم في تاريخ البشرية..

دخلنا المدينة المنورة بعد صلاة المغرب وقبل صلاة العشاء، كانت الأجواء عامرة بالبركة وعلى الوجوه تعلوا ابتسامات تنسيك مشقة السفر، وبين الفينة والأخرى تعترض طريقك عمارة كتب على بابها أنها وقف على الفقراء والمحتاجين أو وقف لتدريس القرآن الكريم وفاعل الخير سعودي أحب الله فحبب الله الناس فيه..

كان المسجد النبوي الشريف وجهتنا، دخلنا المسجد وذبنا بين عشرات آلاف الزائرين ممن تعلقت قلوبهم بخير من ولدته أم صلوات الله وسلامه عليه..

كان المشهد رهيبا أكثر من أن يمكنني جمع شتات حروفي من صياغة جملة تصفه على حقيقته.. إنه مسجد رسول الله وحيث دفن وصاحباه أبو بكر وعمر.. صلينا العشاء ودخلنا من باب السلام للسلام على رسول الله وصاحبيه وكانت المواجهة عالما آخر لا يمكن وصفه بالكلمات.. لنصلي بعد ذلك ركعتين بالروضة الشريفة.. وما بين المشاهد كان أفراد التنظيم من مدنيين وعسكريين يوزعون الابتسامات من خلال التوجيه والتنظيم المحكم الدقيق..

من باب الروضة كانت الطريق سالكة إلى البقيع الطاهر حيث أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن وكانت حناجر الزائرين تهتف لهن بالرحمة والغفران..

من البقيع الطاهر إلى سيد الشهداء عم سيد الخلق وأشرف المرسلين واصلنا المسير لنتمه بالوقوف على جبل الرماة.. قبل أن تنتهي رحلة الليلة المباركة الأولى..

في اليوم الموالي صلينا الصبح صبيحة الجمعة في مسجد النبوي الشريف ووقفنا في مواجهة سيد بني آدم عليه الصلاة والسلام، لننطلق صوب مسجد قباء لنصلي فيه الشروق ونكمل الرحلة بركعتين في مسجد القبلتين..

بعد الإنتهاء من الزيارة كان لي شرف مقابلة أحد أهم الشخصيات العلمية والإدارية في المدينة المنورة الشيخ فهد بن سليمان التوجري المدير العام للشؤون الإسلامية فرع المدينة المنورة بمكتبه بمساعدة من المدير الإعلامي لمكتب نائب وزير الشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية السيد الفاضل فرحان الفرحان ، وكان اللقاء ممتعا جدا..

فالشيخ على علمه ناهل من كل فن، إن رمت العلم عالم لا يشق له غبار ومؤلف من الطراز الأول أو رمت السياسة وفنونها فهو سياسي يتقن قراء الواقع واستشراف المستقبل، وله باع في الشعر والأدب والكتابة..

كان الشيخ على علو قدره متواضعا جدا ينزل الناس منازلهم بل أعلى من منازلهم، تحس وأنت معه أنه الضيف وأنت المضيف، تبادلنا أطراف الحديث لما يقرب ساعة من الزمن مرت كأنها لحظات، وقبل انتهاء اللقاء كان لي الشرف في الحصول على أحد مؤلفاته هدية موقعة بخط يمينه.. إضافة إلى جوهرة من تأليف معالي وزير الشؤون الإسلامية بالمملكة..

انتهت الرحلة وليتها لم تنتهي..

ولأن لكل رحلة نتائج متوخاة منها وإن كانت رحلة عبادة، فقد قرأت منها مدى اهتمام السلطات السعودية والشعب السعودي بأمور المسلمين ومدى تكاتف الشعب حول قيادته ومدى اهتمام القيادة بشعبها...

إنه مجتمع ينسيك أنك في غربة عن الديار بل وتحس وأنت بداخل السعودية بقيمتك الإنسانية والدينية..

اللهم أنصر السعودية وأمنها ومتعها بالسلام أرضا وشعبا وحكاما.. يا أرحم الرحمين

بادو ولد محمد فال امصبوع

جمعة, 09/03/2018 - 15:19

          ​