لا تعرف الأغنية الحسانية بالمغرب انتشارا واسعا مثل نظيراتها من التعبيرات الفنية عن الروافد التي شكلت الشخصية المغربية؛ فإذا سَهُل استحضار "رويشة" في الأغنية الأمازيغية، و"بوطبول" في الأغنية المغربية اليهودية، و"الحاجة الحمونية" في الغناء الشعبي والعيطة، وعبد الرحيم الصويري في الطرب الأندلسي، يصعُب استحضار أسماء معروفة عند عموم المغاربة في الغناء الحساني..
ضعف انتشار
حم الزيعر، رئيس رابطة الموسيقيين الحسانيين للتراث والتنمية الاجتماعية بالعيون، أرجع ضعف انتشار الموسيقى الحسانية في ربوع المملكة إلى عوامل من بينها وسائل الإعلام، ووجود الوسط الفني في شمال المملكة والدار البيضاء، مع شركات الإنتاج والاستوديوهات، إضافة إلى ضعف الإمكانيات لدى الفنان الصحراوي.
وتأسف الزيعر لأنه "في 2018 كان من الممكن أن يكون السؤال عن مجموعة من مشاهير الفنانين الصحراويين"، وأرجع هذا إلى "بعد المسافة، والبنية التحتية، مثل الاستوديوهات".
كما تحدث رئيس رابطة الموسيقيين الحسانيين عن أن النظرة إلى الفنان الصحراوي تنحصر في "الزي والفولكلور"، مسترسلا بأن "الموسيقى الحسانية عكس ذلك فيها ألوان مهمة"، وزاد: "يبقى المواطن في شمال المملكة جاهلا بموسيقاه الصحراوية والألوان التي فيها".
محمد باعيا، رئيس مجموعة السلام للأمداح النبوية الشريفة والفلكلور الحساني بالعيون، تحدث بدوره عن أسباب عدم انتشار الأغنية الحسانية بالمغرب قائلا: "رغم الإكراهات، ورغم الناس التي لا تريد أن يظهر تراثنا، نحن نظهره، لأنه تراثنا، ومن يريد أن يجادلنا فيه مرحبا به، سواء كان من الشرق أو الغرب"، وزاد: "لا نخاف عُقباه، لأن هذا الذي عندنا متأصل وتركه لنا أجدادنا، ولسنا قابضين على ثقافة أحد، فهي ثقافة بلادنا التي عشنا فيها، وتربينا فيها، ونحافظ عليها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".
"راب حساني"
"لكل عصر جيله"، هذا ما ذكره حم الزيعر في جوابه عن سؤال حول تقبل أنماط الغناء الجديدة باللهجة الحسانية في جنوب المملكة. وأضاف الزيعر أن شباب الجيل الحالي "سبقهم مجموعة من الفنانين في الأغنية العصرية كالراي، والموازية لأنماط غربية كالبلوز"، ووضح أن الجنوب المغربي يعيش في هذه السنوات "ظاهرة الراب الصحراوي"، موردا: "نحن كرابطة نشجع مثل هذه المبادرات، وفي برامجنا مسابقات فنية لذوي هذا المجال".
محمد باعيا فسر بدوره توجه الشباب إلى أنواع غنائية مثل "الراب والهيب هوب" بـ"نزع القيود"؛ "ما مكن الجميع من أن يغني بتراث المنطقة"، وأضاف: "إذ حافظ هذا النوع من الموسيقى على اللهجة الحسانية، نحن معه ونسانده، فالمهم أن تبقى اللهجة والطابع"، خاتما بأن "هذا حاصل في هؤلاء الذين يحملون المشعل"، على حد قوله.
*صحفي متدرب
وائل بورشاشن*