الزواج عند أهل أهل لخيام... تحت المجهر (2)

تتأثر "الزوجية" كمشروع حياة بعوامل داخلية أو خارجية المنشأ حسب القيم التراكمية الناتجة عن الوعي الإجتماعي المهين من منطق البديهية على السلوك الزوجي للعائلة النواتية وحتى الموسعة، ذالك الوعي الذي يرى - طبق قاعدة التقليد التكويني - بتفوق الكل على الأجزاء، أي خضوع النظام الحياتي الفردي لإملاءات النسق المتوارث عقديا وثقافيا للكل.

توصف دينامية الوعي لدينا بالشذوذ والإنحراف عادة لانعدام الظروف الملائمة لمواكبة التغير الإجتماعي، بينما تعتبر استاتيكية القيم حالة توعوية مقدسة محمية من الميتافيزيقا العقائدية ومثالا أعلا للنقاء والأصالة. وهذه الحركة الدائرية للتطور الإجتماعي عملت على تعطيل وتفكيك كل الجبهات الساعية للتقدم في ميدان الوعي الإجتماعي الضامن للاستقرار الزوجي.

حسب الموروث الجامد من التمثلات الاجتماعية لدى المجتمع الموريتاني يهدف الزواج لهدفين أساسيين :- التناسل- المتعة الجنسويةمع اعتبار "ضرورية" المعيار المادي كناظم جذري وأداة تحكم في التوازن الزوجي. ومن عصر الظلام إلى عهد الركود ظلت تلك النظرة المتحجرة تطوق أرجاء السائد العام، وبات "الزواج" رحلة سياحية يبحث خلالها الرجل عن المكان الأفضل للإستجمام الجنسي.التركيز على الرابط "الجنسي" كشرط أوحد وحيوي لبناء البيت الزوجي جعل الحياة الزوجية مملة حد الضجر، فغياب الحس العاطفي الصادق لدى الزوجين الذي أنتجته خشونة التعاطي والتعامل قد يحد من حجم الإثارة الثنائية والحماس الروحي المشترك مما يفضي - غالبا - إلى كارثة التفكك الأسري المتفاقمة حديثا.

أغلب البيوت لدينا تعيش مأتما بشكل يومي، كما أن تعقيدات الحياة وضجيج الواقع يعملان أيضا على تغذية ذاك الإلتعاج والإكتراب مما يجعل الحياة الزوجية شجوا جهنميا لا يطاق.كل ذالك بسبب أن منطقا تقليديا أعرجا يقول للمرأة :إياك أن تظهري مشاعرك نحو زوجك، سيحتقر وجودك إن فعلت ذالك، اجعليه يحس دائما أنه ليس "أساسيا" في حياتك، وانه هو من يحتاجك لا أنت، وافرضي شروطك واجعلي حياتكم الزوجية طبق ما تريدينه أنت ولا تهتمي له، وحتما سيهتم بك أكثر.

ويقول للرجل :التخريفات ذاتها

وتحت سيطرة هذه العقلية السلوكية الملوثة بدرن لكلاسيكية الرجعية يفقتد الحنان وتضيع الأحاسيس وتختفي الراحة والسعادة.

وللوصول إلى درجة الوعي التي تمكننا من الحصول على "الإستقرار الزوجي" لابد من استأصال العقلية التقليدية واستحداث أخرى ترى :أن الزواج ليس وسيلة للتناسل او المتعة الجنسوية فقط، بل مشروع حياة متكامل نحتاج فيه إلى الراحة، السعادة، الإطمئنان، البهجة، السرور، الطرب، المرح، الهناء....الزواج هو أن تشعر ان هناك إنسان يحبك ويهتم بك وعلى استعداد للتضحية من أجلك..الزواج هو الإحساس بأن هناك قلبا قد تعلق بك وعيونا قد ارتبطت بوجودك وشفاه ترتاح للتواجد في حضرتهما....ولن يتم تحقيق تلك الأهداف إلا إذا قررنا نسف النظرة البائدة التي أنتجها واحتضنها المجتمع.لا تهتم لسخافتهم عزيزي الرجل؛ احتضن، داعب، افرح مع زوجتك، العب معها كالمراهق، جهز لها الكرسي، افتح لها باب السيارة، شاركها في تنظيف البيت، كن معها في المطبخ، حضر لها مفاجأة تذكارية كل يوم، قل لها "أحبك" كل ليلة قبل النوم، حضر لها "نكتة" كل يوم، اجعل بيتك قاعة للمرح والتسلية، جملة بسيطة قد تخترق جدار وجدانها الرقيق، المرأة كائن لطيف بطبعه، وستحبك حتما....صدقني، السعادة داخل البيت تنعكس بشكل مباشر على الحياة العامة، تجعل الزوج مرتاح دائما مما يرفع من مستوى أدائه الوظيفي، الأولاد سيكونوا عظماء في المستقبل بعد تربيتهم في بيئة كهذه...اصنع السعادة لنفسك، ولا تهتم!

من صفحة المدون :http://Yahya Oubeid

جمعة, 29/06/2018 - 13:44

          ​