عندما وَجدتْ الأحزاب السياسية نفسها في وضع لا تُحسد عليه؛ إما المشاركة وحصدُ أكثر من 1% من أصوات الناخبين أو التعرض لسحب التراخيص، كان لزاماً على النظام أن يمنحهم جرعة أمل تدفعهم لدخول حلبة المنافسة، رغم اختلاف موازين القوة.
استطاع الرئيس محمد ولد عبد العزيز، من خلال ما عرفَ بنزيفِ المغاضبين أن يعطي لانتخابات سبتمبر زخماً كبيراً وهو العائد لتوّه من تعديلات دستورية عمّقت "الأزمة" رغم خروجها من رحمِ حوار سياسي لم يحقق هدفه، وانتخابات محلية شكلت فرصة كبيرة لأحزاب ما كانت لتمثّل في البرلمان لولى إقصاء ما يعرف بالمعارضة التقليدية، وتمييعُ من يصفون أنفسهم بالمعارضة المسؤولة.
تُرك الحبل على الغارب في البداية، وتسابقَ رموزُ في الحزب الحاكم لإعلان خروجهم على بيت الطاعة، إلى أن اقتربت ساعة الحسم.. وهي اللحظة التي اتضح بعدها أن الرئيس نجح في استدراج خصومه السياسيين إلى الإنتخابات 'الفخ'،..!
كل المغاضبين ممن لهم تأثير يذكر عادوا أو اعيدوا لبيت الطاعة إن صحّ التعبير ، بل أُجبر بعضهم على سحب ترشيحاته من مناطق محددة ودون أن يمنح الفرصة لتغيير بوصلته من جديد، في الوقت الذي اعطيت فيه الأوامر لجميع أطر الدولة بالنزول للميدان لهدف واحد هو إنجاح لوائح الحزب، أما البقية فقد وزعوا بطريقة محكمة على أحزاب تبنّاها الرئيس مؤخراً ويريدها في البرلمان الجديد للعب دور ستتضح ملامحه لاحقاً.
في المحصلة؛ نجح ولد عبد العزيز في استدراج قوى المعارضة التي وقفت ضده وقاطعته أكثر من مرة، لاستحقاقات طُبخت مُحاصصاتها على نارٍ هادئة، وهي مُحاصصة ستخسّر المعارضة التقليدية دون شك، بحيث لن تحصد -في أحسن تقدير - أكثر من مقاعد تعدٌ بأصابع اليد، وتُعيد بالمقابل رسمَ خارطة موالاة جديدة لا غالب فيها ولا مغلوب.
من صفحة الكاتب والصحفي :