قبة البرلمان مكان مقدس وليس لمن هب ودب

بعد أسبوع من انطلاق الحملة الانتخابية للبلديات والنيابيات والجهوية الممهدة لاقتراع فاتح سبتمبر 2018 شهدت الساحة السياسية ظهور بعض المفارقات الغريبة والفوضى العارمة، كان من بينها ظهور بعض الوجوه والأسماء الجديدة على الساحة السياسية والتي لا تملك قواعد شعبية، بل تتشابه في الشعارات، ولا تملك خطابا سياسيا ولا مكانا للتمثيل.

ومن الأدلة على فوضوية الترشحات وسطحيتها، أن أول خطوة يعملها المُقدمون على الترشح هي المبالغة في تحسين صور وجوههم ليبدو وكأنهم نجوما سينمائيين أو ممثلين في مسرحية تدوم لفترة أسبوعين، ليتسنى لهم خداع لمواطنين الذين يجهلونهم على حقيقيتهم.

حتى أنه من الغريب أن بعض المرشحين كما نشر بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يحسب أنه "مرشح الرقيا الشرعية من اجل برلمان خالي من الجن"، هو ماأثار سخرية بعض المدونين.

لقد تفاجأ الرأي العام بظهور فتيات وفتيان حديثي سن وفي أوان البلوغ لم يكسبوا بعد أي تجربة سياسية ولا علم لهم بشيء من خبث السياسة وحكمتها، بل إن مكانهم المقاعد الدراسية التي فشلوا فيها، وهم يعلنون ترشحهم ويريدون أن يمثلوا الشعب عن طريق أحزاب وهمية لا توجد إلا على الورق، كما أن بعض المترشحين لم يبذل جهدا في بلوغه المكانة السياسية، بل اشتروا فقط رؤوس لوائح انتخابية وبالغوا في تبذير أموال حصلوا عليه بطرق شتى.

كما تمت ملاحظة غياب أي رقابة قانونية من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات فلم تبذل أي جهد في الوقوف في وجه دعاة الفوضى والسطحية، ولم تقطع أي خطوة خلال استقبال ملفات المترشحين في الرقي بالانتخابات وجعلها مرحلة جديدة لتغير الوضع، بل اجتهدت في أن إهمال الحقل السياسي، ومضى الجميع يفرض طباعه وأخلاقه ويجاهر بخداع المواطنين من أجل مكانة مؤقتة.

ثم إنه من المفارقات التي شهدتها الحملة الانخابية الفتور المادي السائد في مختلف الأحزاب السياسية، كما أن بعض المترشحين لا يملكون أي معرفة بالأماكن التي ينوون الترشح فيها، ولا علم لهم بالبنية الاجتماعية هنالك.

لقد شهدت الانتخابات الحالية تقدم عدد من المترشحين من غير المقبول ولا من العقل أن يمنحوا أحقية الترشح باسم المواطنين، حيث يوجد بالأدلة من بين المترشحين  بعض التجار أصحاب ملفات قضائية في الداخل والخارج، كما من بين المترشحين أصحاب سوابق إجرامية، وبعض المهربين وبعض الوجوه غير المحترمة، فعلى المواطن الموريتاني أن يحكم عقله ومنطقه ويكن على علم بقيمة هذا المسؤولية التي توضع على عاتقه، حيث أن صوته هو مسؤولية في عنقه، ثم إن قبة البرلمان هي مكان محترم ويرقى على أن يحوي الساقطين أخلاقيا ويحرم دخوله على من لا يملك صفحة ناصعة، فالنواب هم سيمثل الشعب ويتحدث عن مشاكل ويحمل همومه وليست قبة البرلمان حصانة دبلوماسية أومطية لتمرير الافكار السيئة، أوترويج التجارة البائرة في السوق، أو حصانة لبيع الأدوية المزورة، وليس غرفة لصناعة مكانة اجتماعية لا وجود له في الأصل.

رغم أنه توجد استثناءات في بعض المترشحين الذين يملكون الأهلية لتمثيل الشعب، فعلى المواطنين أن يعوا خطوة العملية الانتخابية ويكونوا على علم بأنهم حين يدخلون خلف قبة الاقتراع هم أمام مسؤولية وأمام حقوقهم فليحكموا العقل والنظر السليم.

اتلانتيك ميديا

 

جمعة, 24/08/2018 - 13:37

          ​