
يعيش العالم الاسلامي اليوم حالة من التفرقة والحروب وسط وجود عدة حركات تدعي الإسلام وتدعي أنها تجاهد في سبيل الله رغم اختلاف خلفياتها ومرجعياتها الدينية، والذي لا يبدو جليا في الأمر أن بعض هذه الحركات مدعومة من طرف أعداء الإسلام وذلك ما ينعكس في طبيعة ممارساتها السياسية وعملها الميداني، وقد برز التطرف كمفهوم عائم عند بعض السياسيين في مختلف الدول العربية، باعتباره إشكالية دينية سياسية معقدة تظهر التمسك بالإسلام وتخفي حقيقة مصدرها الأصلي.
هذا وقد شهدت موريتاينا منذ عدة عقود ظهور حركات سياسية بطابع ديني ينحو إلى التشدد والخروج على مألوف الوسطية التي كانت تسود في موريتانيا، وأخذت تلك الحركات نظامها من خلال الانفتاح على العالم العربي.
ويجمع المتابعون للساحة السياسية على أن أكبر خطأ ارتكبه نظام الرئيس السابق سيد ولد الشيخ عبد الله هو الترخيص لحزب تواصل الذي يملك طابعا دينيا متطرفا ظهرت نتائجه في بعض الدول العريبة وأفسدها مثل سوريا واليمن ومصر التي كانت دولة كظدهرة وقائمة ولها مكانتها الكبيرة قبل أن تنكوي بنار الربيع العربي.
إن من رأى سوريا العظيمة وهي تئن تحت وطأة الحروب والدماء والقتلى ليدرك أن هناك قوى خبيثة تقف خلف دمار الأمة الاسلامية والعربية عن طريق أبنائها المسلمين، ويدرك إن خطورة المتطرفين لا تقف عند حد إفساد الدول بل تتجاوزها ذلك إلى حد التلاعب بالدين واستخدامه في أوجه غير سليمة، واقناع الناس بمنهجهم باسم الدين، حيث إن تدمير الجيش العربي السوري بفعل حركات تدعي الإسلامي وهي مدعومة من طرف الكيان الصهيوني يستعدي النظر والتأمل.
إن موريتانيا دولة مسلمة ولا مكان فيها للمتطرفين ولا تحتاج لمتدينين ولا لعلماء دين جدد يسيخدمون الدين لولوج السياسية لمآرب خاصة، مثل توظيف الصدقات والزكاة لشراء الأصوات وممارسة السياسة ، ولإقناع العامة بأنهم أقرب إلى الحق بمظاهر خداعة فيما تكشف حقيقتهم ما يخفون.
لقد كان خطاب رئيس الجمهورية في ختام الحملة الانتخابية الماضة صريحا ودقيقا في تحديد الاشكال حين أفصح عن ضرورة محاربة المتطرفين وعدم السماح لهم بدخول البرلمان، وكانت دعوة في محلها تدارك من خلالها الموقف بشجاعة تنم عن روح القيادة.
لقد نجح ولد عبد العزيز في الوقوف في وجه المتطرفين وكان مصيبا في منعهم من ولوج مناصب القرار وكان تحذيره للشعب من التصويت لصالحهم في وقته موفقا، كما أعطى الأوامر باكرا لحكومته بالسعي على ترسيخ فكرة محاربة التطرف على جميع الأصعدة، فآتت أوامره أكلها في الانتخابات وفيما بعدها.
كما يحسب لنظام ولد عبد العزيز أنه رفض الترخيص للمتطرفين الذي يعملون على المتاجرة بالزكاة والصدقات لشراء الأصوات في الانتخابات.