ثقة الرئيس باقية في محلها/ عثمان جدو

بعد تعيينه على رأس الحكومة خلال مأمورية الرئيس الثانية؛ ظل الوزير الأول الحالي المهندس يحى ولد حدمين يسير بخطى ثابتة في فلك تنفيذ برنامج الرئيس؛

لقد تميز الرجل بجاهزيته التامة لتنفيذ برنامج الرئيس وتفانيه في ذلك رغم الموجات والهزات التي كانت تعترض سبيله بين الفينة و الأخرى والتي تختلف في طبيعتها ومصدرها ومدى وجاهتها من عدمه.

كثر أعداء الرجل و المحاولون لإعاقة أو إثقال حركاته، كثروا ولم يكن ذلك قرين سوء أو فشل؛ بل أعداء النجاح كثر، وسوح القادة تولد العداوة!، ليس لأصل عداء وإنما حبا في التقرب من صاحب السلطة و النفوذ؛ ولو تطلب ذلك عندهم تجاوز كل المبادئ.

لقد كانت تركة الرجل ثقيلة؛ فعاصمة الدولة الفتية تعاني من تبعات الفساد الذي ألفته واستوطنها حقبا عديدة فكانت مسرحا لناهبي المال العام المعمقين لشرخ القبلية؛ أيام كانت القطاعات الوزارية؛ اقطاعيات عشائرية، لا تعليم، لا صحة، لا أمن، لا مواصلات؛

لقد ضرب المواطن بالأسلحة النارية في وطنه وبين ذويه، قتل ضباط الأمن في أرقى أحياء العاصمة وأكثرها تحصينا وصل التفجير أبواب سفارات الدول القوية (سفارة فرنسا مثلا)، دفعت شحنات التفجير الكبيرة عن العاصمة وهي على مشارفها؛

لقد بلغ تهديد سلامة المواطن وكيان الدولة أعلى مستوى، كانت البنية التحتية في أسوإ حال وكانت المواصلات هي مكمن الاختلالات.. مطار بين الأحياء الشعبية والأحياء ذات الكثافة السكانية؛ رغم هشاشة وبدائية تجهيزاته وافتقاره لطائرات مملوكة للدولة؛رغم ذلك كله كان هو دعامة المواصلات الخارجية، وكانت السمعة الدولية تختصر في "دولة لا تستدعى إذا غابت وإذا حضرت لا تستشار"؛
وتدركون جيدا أن ذلك تغيرا عندما تمكنت البلاد بعد جملة من التغيرات قيادة الدبلوماسية العربية و الدبلوماسية الإفريقية وتربعت -قبل ذلك- على الساحة الإعلامية.

كان المهندس ومازال السند القوي للرئيس وصاحب المشورة الهادئة و المنفذ المستميت لبرنامج الرئيس؛ فحمل مع الوقت شعار من لا يؤمن بمشروع الرئيس ويذوب في سبيل تحقيقه، وضاقت عليه دائرة التأثير بذلك؛ فليصعد إلى الفضاء أو ليهرب إلى الصحراء، خرج من دائرة القرار من لم يسعهم ذلك ولم يتعودوا عليه؛

نجح الرجل في تجاوز كل ما وظف ضده؛ استغلت في ذلك العاطفة والدين والأحلاف والتحزبات وكان يكسب رهان ذلك كله مع انقشاع غبار كل معركة مفتعلة أصلا.

ابتعد كثيرون؛ تعلق ببعضهم من كانوا له ظلا وغطاء، وحل محلهم من كانوا منهم في السهر على هم الوطن أحسن فواكبوا المشاريع المقدمة من طرف الحكومة والتي يرى فيها الساهرون عليها المطلب والأمل لدى المواطن رغم الحاجة إلى زيادة الوتيرة ورفع السقف، ويرى فيها غيرهم الضياع وهدر المال والوقت وينقمون من الرئيس وحكومته ويكثر كلامهم ورفضهم إنكارا ومعارضة للمسيرة التنموية ولطريقة إدارة الشأن العام.

لقد تجاوزت البلاد في ظل المأمورية الثانية للرئيس التي واكبتها حكومته الحالية كثيرا من المشاكل والعراقيل وحققت كثيرا من المشاريع الخدمية.. من كان يظن أن الإجراءات التنظيمية التي قامت بها الحكومة في بداية هذه المأمورية بخصوص المعاهد القرآنية وبعض المحاظر ستمر وتتجاوز بسلام وفق الظوابط والنظم القانونية التسييرية؛ نظرا لما واكبها من شيطنة وتشنيع اتضح في مابعد أنه مبالغ فيه؛

ألم تكن قضية الاستفتاء على تغيير العلم والنشيد وإلغاء مجلس الشيوخ واستحداث المجالس الجهوية، ألم يكن ذلك كله ينطوي على قضايا دفعت بأكبر الرموز الموالية إلى التردد والتشكيك؟!  وبعد ذلك مرت القضية بهدوء وسلام.

لقد تغيرت واجهة العاصمة انواگشوط وتحسنت البنية التحتية بدءا بالطرق والمستشفيات والمطار الجديد وقصر المؤتمرات *المرابطون* والجامعة العصرية والمدارس الفنية والأخرى النوعية ( الامتياز،الجهوية، النموذجية).

كثرت المنشآت الخدمية وإن كان حجم التطلع يقتضي الاعتراف بأن هناك كثير مازال منتظرا؛ فالتحدي كبير والمراحل المقبلة تزداد حساسية وتستدعي من الساهرين على المصالح العامة القوة والأمانة وزيادة الرقابة، فمن غير المقبول أن تبذل الدولة جهود كبيرة جدا في إنشاء مرافق حيوية عالية الأهمية ثم تفتقد إلى أبسط مقومات المجال وفي الصحة خير مثال، وأوضح دليل على ذلك وجود مستشفيات كثيرة وتجهيزات حديثة وعلاوات كبيرة ورواتب تعتريها الزيادة والتحسين دوما ثم تنطبع الحالة العامة بالإهمال والتقصير وقلة وغياب الضمير تجاه المواطن المريض!!؛

*مستشفى الأم والطفل نموذجا*
وسبق تفصيل بعض ذلك الإهمال والتقصير في مقال سابق بعنوان: *يوم حزين*
يحدث هذا في قطاع حيوي هام بذلت فيه الحكومة كثيرا من طاقات الدولة وتطور كثيرا على مستوى البنية التحتية والتجهيزات؛ لكن بقيت طبيعة المعاملات في أدنى مستوياتها؛

وعلى هذا قس في التعليم؛ إنجازات خدمية كبيرة وتحسينات ظاهرة ومازال هناك من يسبح عكس تيار الحكومة ويحاول الإعاقة بطريقة أو بأخرى.

حتى الأمن الذي هو صمام الأمان والقطاع الذي شهد طفرة في الاهتمام فصار إسهامه بذلك في تأمين المنطقة بعد الحوزة الترابية حدثا مشهودا.. لكن هذا المشهد الزاهي للأمن-بشكل عام- يسيئ إليه كل انفلات أمني داخلي..صحيح أن الجرائم الفردية داخل المدن تحدث في كبريات الدول وأكثرها احترازا أمنيا لكن الموقف يتطلب منا زيادة الجهود المبذولة وسرعة في التدخل وصرامة قضائية مع المجرمين؛ فمن غير المقبول إطلاق سراح مجرم تافه لكي يعود ويكرر جرائم يصل بعضها إلى قتل الأبرياء وأصحاب الاستقامة والمكانة في المجتمع! 
*سجناؤنا ينقصهم التأهيل داخل السجون فلماذا يحدث ذلك؟*

لقد حققت الحكومة الحالية بقيادة *المهندس* نجاحا مشهودا في كثير من المجالات وبإمكانها المواصلة بنفس الخط وأحسن فعلينا جميعا أن نكون لها عونا وسندا خدمة للمصالح المشتركة للبلاد بعيدا عن خلافاتنا وانقساماتنا السياسية الضيقة التي ينبغي أن ينتهي الصراع حولها مع انتهاء التنافس الانتخابي؛ فالوطن يسعنا جميعا وواجبنا تجاهه هو السهر على مصالحه وأمن مواطنيه وجعله دوما فوق كل اعتبار.

اثنين, 01/10/2018 - 09:48

          ​