مرة أخرى تنتاب العقيد السابق اعل ولد محمد فال حالة هستيريا أخرى؛ ويعاوده إسهال البيانات المزمن؛ الرجل على ما يبدو؛ أصيب في عقله؛ فما عنه يتحدث ليس موريتانيا قطعا؛ بل هي موريتانيا أخرى تعيش في مخيال ولد محمد فال
"الكولونيل لم يجد من يكاتبه" كما وقع لبطل رائعة الكاتب العالمي الكولمبي كابرييل كارسيا ماركيز.. فتخيل جمهورا جاهزا ينتظر بياناته؛ فطفق يبثها على مدار الساعة.
مواعظ اعل ولد محمد فال؛ التي يتحدث فيها عن نهاية العالم؛ ويتأبط فيها عصا صمويل هنتنغتون؛ لم تجد للأسف الشديد من يتلقفها؛ فقد غدت حزءا من الروتين الاسبوعي لمتصفحي المواقع في نواكشوط.
أسهب الرجل حديثا؛ غير ذي معنى ولا مبنى؛ عن الأخطار التي تتهدد موريتانيا؛ وصب ما اهتدت له ذهنيته المتقادمة ومخيلته الضحلة من صفات على البلاد وقيادتها؛ مستغلا جو الحرية؛ وغياب الانعكاسات الارتدادية لتقارير إدارة الأمن.
وبدون الخوض في غسيل الرجل؛ هذه ملاحظات جد بسيطة ومعروفة للجميع عن الذات (اعل ولد محمد فال) تمهيدا لفهم الموضوع (إسهال البيانات)؛ وتنزيله في سياقه.
ـ كان مدير الأمن الوطني على مدى عشرين عاما عرفت أعتى مظاهر التضييق وبث الرعب نائما ليلة أن قرر الجيش الوطني تخليص البلاد من نظام الرعب؛ الذي كان الرجل يمثل يده الباطشة؛ ولم يكن له من شرف في التغيير إلا أن جعله الضباط الذين قادوا التغيير واجهة لهم؛ ولم تكن أدوراه خلال تلك الفترة ناصعة البياض تماما؛ إلا حينما يتعلق الامر بتحريضه على التصويت بالبطاقة البيضاء؛ في محاولة للالتفاف على القانون؛ وتمديد حكمه؛ وهو التصرف الذي قوبل بالرفض في قيادات المجلس العسكري؛ مما ارغمه على التراجع.
ـ لم يكن الورع والزهد في المال العام من فضائله؛ فالرجل يعد الآن من أثرى أثرياء البلد.. ولو سألت أي مواطن عاد عن السبب؛ لما كلفته الإجابة كبير عناء.
ـ ارتمى الرجل في أحضان اللوبي الصهيوني وحضر بحماس ـ لا نتحدث عن حركة المقاومة ـ كل انشطة مشروع "علاء الدين"؛ وبكى وتباكى على ضحايا الهولوكست؛ ونسي لألف مرة أن في القدس أختا لنا وأخوات وبنات عم أعد لهن الذابحون المدى.
ـ أضيرت تحالفات الرجل الخارجية (اليهود وأذنابهم) من طرف موريتانيا الجديدة؛ وقلمت أظافر وحش المال العمومي الذي يسكنه؛ فجن جنونه.
ـ حاول الرجل العائد إلى القاع (مكانه الطبيعي) أن يتسلق على اكتاف المعارضة؛ عندما كانت تعرض مسرحيتها الشهيرة "الاعتصام والرحيل"؛ غير أن المعارضة وإن كانت سلكت في ذلك المنحى أساليب غير ديمقراطية.. كانت اكثر ديمقراطية من الكولونيل العاطل؛ فلفظته؛ وتركته يمج بياناته يمنة ويسرة.
تلك بعض ملاحظات على الذات (اعل ولد محمد فال) معينة على فهم الموضوع (إسهال البيانات).
وهذه وقفة قصيرة جدا مع الموضوع:
يعتبر علماء النفس الفراع من أكبر الأسباب المؤدية إلى الخروج عن طور التفكير السوي إلى الإصابة بالذهانيات (أجارنا الله وإياكم)..
فالرجل الذي كان على مدى عشرين سنة كعبة تجبى ‘ليها تقارير المخبرين؛ وجدنفسه في فراغ قاتل بعد تفرق الأهل والصحب والخلان؛ وكان لابد له من خطوات مسرحية للفت الانتباه اليه فقط وإن بطريقة غير مدروسة.. ليس إلا..
وإلا فإنما يتحدث عنه الكولونيل المعقد لا وجود له في الواقع.. فموريتانيا اليوم بألف خير وعافية..
كل ما في الأمر أن اتزان اعل ولد محمد فال العقلي هو المهدد بالانهيار فقط.. متعنا الله بعقولنا وأس