الجزء الثاني من ملامح الجمهورية الثالثة

كما انتهت ملامح الجزء الأول من الجمهورية الثالثة بتعيينات سامية لتحضير الجهاز التنفيذي للمرحلة المقبلة، فإن الجزء الثاني بدأ بترميم الجانب السياسي حتى تكتمل الصورة على أتم وجه، لمواجهة العقبات السياسية التي تنتظر على الطريق، بدأ الجزء الثاني من ملامح الجمهورية الثالثة أو "المأمورية الثالثة" للرئيس محمد ولد عبد العزيز، يتضح شيئا فشيئا إثر تغيرات سياسية شهدتها الساحة السياسية كان من أبرزها انضمام عدة أحزاب سياسية إلى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وكان من أبرز تلك الأحزاب حزب التجديد الديمقراطي بقيادة السياسي المخضرم المصطفى ولد اعبيد الرحمن الذي يملك تجربة طويلة في ميدان السياسية، والذي أعلن اندماجه في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، إضافة إلى اندماج  حزب الوئام الوطني برئاسة المناضل الكبير والسياسي المخضرم بيجل ولد هميد المعروف بتجربته السياسية وبخبرته الواسعة؛ حيث شكل اندماج هذين الحزبين ومن قبلهم أحزاب سياسية أخرى، مرحلة سياسية جديدة تمكن الحزب الحاكم من المساهمة في خطى الجمهورية ثالثة سيترأسها محمد ولد عبد العزيز بعد تغييرات واسعة تمهد لذلك الطريق.

حيث بدأت تلك الملامح تظهر في أفق المرحلة بانتخاب العقيد الشيخ ولد بايه رئيسا للبرلمان الموريتاني الجديد وهو الشخص الثاني في الجمهورية بعد الرئيس وهو من المقربين من ولد عبد العزيز ومعروف بصدقه معه ،كما أعطى تعيين وزير أول جديد لا ينتمي لأي تيار سياسي ـ وهو المهندس أحمد سالم ولد البشير الرجل القوي الذي يبتعد عن الأنظار وعن الإعلام وعن الصراعات ومعروف بإخلاصه لولد عبد العزيز ـ دفعا قويا لجمع أبعاد الصورة النهائية للمشهد الحالي، إضافة إلى إنشاء وظيفة جديدة في الرئاسة للوزير الأول السابق المهندس يحي ولد حدمين  والاحتفاظ به ومنحه بعض الصلاحيات الكبيرة التي لها ما وراءها، وكذا تكليف الفريق ولد الغزواني بوزارة الدفاع دليل آخر على أن ولد عبد العزيز يحضر بقوة وينتقي رجالا ثقة ومخلصين لخوض المواجهة المقبلة، وذلك ما كشفته ملامح المأمورية الثالثة أو الجمهورية الثالثة التي بات صداها يتردد في أفق الأحداث، كما كان تعيين بيجل ولد هميد نائبا لرئيس البرلمان خطوة في اتجاه التمهيد للمأمورية الثالثة.

ورغم اختلاف ملاح الجزء الثاني عن الجزء الأول حيث يتحدد الأول في تحضير الجانب التنفيذ والثاني في تحضير الجانب السياسي، فإن الجزء الثاني نشأ على ضوء الأول وفي ظله.

ومن خطى الجمهورية الثالثة في ما بعد الأستقلال أن ولد عبد العزيز يتمسك بأغلبية برلمانية مريحة منتخبة من طرف الشعب الموريتاني على اساس دعم المأمورية الثالثة، حيث ستعمل هذه الأغلبية البرلمانية على فتح باب المأمورية الثالثة عن طريق إلغاء المادة التي تمنع ترشح ولد عبد العزيز لمأمورية ثالثة، تلك الجمهورية الثالثة التي ستكون مختلفة عن المرحلة الماضية بأنها مرحلة "لا صراعات"، حيث ستتكاثف جهود الجانبين السياسي و التنفيذي في نفس الاتجاه ويسهران على العمل على نفس المصالح المشتركة لخوض المرحلة بنجاح، تحضيرا للرئاسيات المقبلة.

كما من ملامح الجزء الثاني من التحضير للمأمورية الثالثة تفعيل الحزب الحاكم، وهي خطة سيفرج عنها قريبا، حيث ستمنح فرص جديدة لأغلب السياسيين على معيار الولاء، حيث يرى بعض المهتمين بالشأن السياسي أن تحديد مؤتمر الحزب الحاكم في منتصف الشهر المقبل ربما يحمل تغييرات جذرية، و من المنتظر أن تنال الشخصيات التي تملك خبرة سياسية وتجربة ميدانية حظا من ذلك.

هذا ولم تستبعد بعض الجهات الرسمية أن يكون هناك أول تعديل وزاري في حكومة ولد البشير بعد الاستقلال سيشهد اندماج شخصيات سياسية قادرة سياسيا وتملك حنكة ميدانية، حسب مصادر موثوقة لدعم الحزب الحاكم و الحكومة؛ تمهيدا للمأمورية الثالثة.

اتلانتيك ميديا

أربعاء, 07/11/2018 - 14:40

          ​