من فطرة الله أنّ المجتمع البشري يتكون من عدة أجزاء و أعضاء وذلك لتحقيق سنة التكامل فلو كان عبارة عن جزء واحد لما تحققت الغايات المرادة من خلقه مثله مثل بدن الإنسان فالبدن يتكون من عدة أعضاء قال صلى الله عليه وسلم(( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ))
[أخرجه البخاري ومسلم
وعلى هذا التأسيس فإن المجتمع
يتكون من عدة أعضاء تناسب طبيعته وفطرته التي فطره الله عليها و لكل عضو أو كينونة فيه مهمة مناطة به و اختصاص لا استئثار عن الآخرين بحق لهم فالأسرة مغاير للفرد في المهمة والاختصاص والطبيعة، والقبيلة او الاسرة الكبيرة بتجمعها مغايرة للأسرة المفردة في طبيعتها ووظيفتها واختصاصها، وكذلك أهل الشوكة أو السراة فإن تكوينهم يكون مغاير لتكوين عامة الناس من حيث الشكل والوظيفة و الإختصاص، ومقام ولي الأمر مغاير في تكوينه و اختصاصه ووظيفته عن أهل الشوكة وعامة الناس الذين بمجموعهم يشكلون الرعيّة في مقابل صاحب البيعة (ولي الأمر).
فعندما نأتي لأهل الشوكة و ننازعهم في اختصاص من اختصاصاتهم و وظيفة من وظائفهم الطبيعية ومنها نصب الإمام عمليا ومبايعته على الحقيقة ليبايعه عامة الناس بعد ذلك إمّا حمكا أو حقيقة فإننا نُعرّض المجتمع لما يسمى بالخلل الوظيفي أو التعطيل الوظيفي وهو أكبر سبب يعيق التنمية بلا منازع بل ومن أسباب إثارة الفتنة.
أنّ أهل الشوكة أو أهل الحل والعقد تكوين اجتماعي أصيل تم تشكله من حيث الأصل تشكلاً طبيعيا من داخل المجتمع بناءً على أساس هذا المجتمع والقيم العليا فيه وليس وليد الساعة أو نتيجة اقتراع إجرائي وبعبارة أُخرى أدبية أنّه تكوين اجتماعي تم انتخابه انتخابا طبيعيا من كافة مكونات المجتمع بناء على أساسين علمي وعملي فالعلمي هو أساس المجتمع وقيمه العليا و العملي هو نتيجة تحرك و أحداث مادية مر بها المجتمع تشكل من هذين الأساسين أهل الشوكة الذين هم أهل الحل والعقد.
وبما أنّ كل ولي أمر لدولة ما يكون تسنمه لرئاسة الدولة مترجم لأساسها التي قامت عليه ولا يقوم هذا قياما عمليا إلّا عن طريق أهل الحل والعقد الذين هم أهل الشوكة وكما عرّف ابن تيمية ماهيتهم في منهاج السنة
[[ بأنّ الامامة تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماماً حتى يوافقه أهل الشوكة الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة ]]
فإذا كانت لهم هذه المهمة العظيمة والحساسة فإن منازعتهم في هذه المهمه المتعلقة بسلامة المجتمع وعدم انفراط عقده هو تهديد للمجتمع بالزوال والإضمحلال شيئا فشيئا وبالتالي ضرب لخلافة البشر على الأرض كذلك لن يتم أخذ هذه الوظيفة منهم بسهولة فسنة الدفاع و التدافع حاضرة هنا فإن أهل الشوكة سيحاولون إيقاف أيّ طريقة أو وسيلة تصادر منهم هذه الوظيفة و إن لم يستطيعوا إيقاف هذه الوسيلة أو الطريقة فباختراقها ليؤدوا وظيفتهم مهما كان الثمن ولكن بين هذا وذاك لن يكون تأدية الوظيفة هنا كما لو كان تأديتها بدون نزاع فإن تأديتها مع وجود النزاع سيضعف أداء أهل الشوكة ويعرقله ويشوهه،
و حدوث هذه الحالة هي من أهداف الإتجاه الليبرالي الفردي بوجهه الديمقراطي وآلياته النابعة من ثقافته ومن أهمها الأحزاب والإنتخابات
أو مايسمى بالعملية الديمقراطية
ونأخذ هنا من هذه الآليات في هذا المقال الإنتخابات
وهي هنا إجراء عملي متوجه لعامة الناس لايحمل الثقة في ذاته ينبع منه قرار بنتصيب الإمام
وكونه لايحمل الثقة في ذاته فلجواز الطعن في مراحله أو نتيجته بالتزوير أو عدم كفائة العملية الإنتخابية،
ولعدم وجود هذه الثقه و الضمانة الذاتية في هذا الإجراء تضمن ان النتيجة حقيقة،
فعليه تكون الانتخابات ذات طبيعة هشة رخوة غير موثوقة النتائج وهي ايضا لا تحمل ضمانة تقريرية آنية في نفسها بل تمر بمراحل عملية ليتم استخلاص القرار وهذه المراحل يدخلها الغش او التلف او عدم المهنية الصحيحة او التعذر …الخ وغيرها وهنا يتضح لنا مدى هشاشة ورخاوة هذه الآلية التي تعوّل عليها الديمقراطية الشيئ الكثير وتتباهى بها بل هي رمزها
اذا الانتخابات في حقيقتها آلية ديمقراطية وضعت لمنازعة اهل الاختصاص الطبيعي اختصاصهم ووظيفتهم وهم هنا اهل الشوكة لان وجودهم الحتمي و بشكل طبيعي في تكوين المجتمعات امر يعارض الفلسفة الفردية الليبرالية ويحطمها؛
••إنّ الإنتخابات في احسن احوالها لا تصلح نتائجها إلّا للإستئناس والإستطلاع لا للتقرير والإستظهار والإستخلاص اليقيني ليتكون القرار فيما بعد فضلا عن أن تكون هي ذاتها مقررة مكونة للقرار.
اذا فالإنتخابات لاتصلح لأن تكون متوجهة لاختيار رئيس الدولة
لأن مكانة رئيس الدولة مرتبطة بأهل الشوكة وهذا مما فطر الله عليه المجتمعات في أنّ لكل مجتمع رأس و أهل شوكة لا يتم لهذا الرأس أمره إلّا بأهل الشوكة إنّ من المقرر شرعا و عقلا هناك مغايرة بين مُكوّنات المجتمع فهناك مغايرة بين العامة و أهل الشوكة فلو كان هناك تطابق بين العامة و أهل الشوكة و أنّ العامة هم أهل الشوكة و أنّ أهل الشوكة هم عامة الناس لما صار هناك إمام قط فاعتماد الإنتخابات لاختيار الحاكم هو في الحقيقة إبعاد وتنحية قسرية لمؤسسة اجتماعية طبيعية صلبة ليحل مكانها إجراء رخو هش أساسه العامة ظاهريا وعمليا وباطنيا أساسه القوى المعادية لأهل الشوكة وذلك أنّ هذه القوى تُنازع أهل الشوكة هذا الاختصاص للإختلاف الديني والثقافي والقيمي بينهم وبين أهل الشوكة وعامة الناس وإمامهم
وهنا نرجع إلى زمن عمر رضي الله عنه عندما منع كبار الصحابة رضي الله عنهم و أهل بدر أن يغادروا المدينة لأنّهم أهل الشوكة؛
ولكنهم في عهد عثمان رضي الله عنه مات منهم أناس و غادر المدينة جزء كبير منهم فلم يمنعهم عثمان رضي الله عنه
من الذهاب فضعف أهل الشوكة حول عثمان عندها تمكن التيار المعارض لأهل الشوكة والمخالف لهم ولعامة الناس في الدين والقيم والثقافة وهم ابن سباء ومن معه من إحداث الفتنة فطعن هذا التيار في أحقيّة عثمان بالخلافة.
و مُخَادَعَةً من هذا التيّار قام بالمناداة بالخلافة لعلي رضي الله عنه ثم خرجوا عليه بعد ذلك،
لذلك لما تولى علي رضي الله عنه الخلافة جعل حاضرة الإسلام الكوفة حتى يبعد هؤلاء الغوغاء عن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يتلفوا البقية الباقية من كبار الصحابة وهم أيضا جاز لهم ان تكون الحاضرة من جهة ديارهم ليفرضوا ما يريدون على علي رضي الله عنه من قرارات لكونهم في هذه المرحلة يُصارعون اجتماعيا وثقافيا لأخذ مكانة أهل الشوكة و تقمّص دورهم لكن حيدرة رضي الله عنه كان فطن لذلك فلم يسلمهم الأمر فدارت الدائرة عليهم بعد خروجهم عليه والحمدلله.
•• إذاً فالمذهب الفردي بحكم فلسفته قام بمخادعة_وهذا ديدنه لانه دخيل على اي مجتمع_ وهذه المخادعة هي أنّه إدّعى أنّ الإنتخابات لإختيار ولي الأمر حق لعامة الناس ويجب أن يمارسوها وذلك لينزع الإختصاص من أهل الشوكة، أو على الأقل ليُضْعِف سيطرتهم على اختصاصهم وليسهل عليه اختراق هذه الوظيفة والتأثير عليها،
وذلك لأمرين الأوّل لسهولة التحكم بوظيفة أهل الشوكة إذا نزعت منهم و أوكلت للعامة أو على الأقل إذا أُضعف ارتباطها بأهل الشوكة
والثاني لعجز العامة عن ممارسة هذه الوظيفة عندها تنفرج فرجة للمعارضة ذات الاتجاه الفردي الديمقراطي و الّتي تختلف وتغاير العامة و أهل الشوكة في أساسهم الذي قاموا عليه من دين وثقافة وقيم يستطعيون من خلال هذه الفرجة التحكم في تنصيب الإمام والتأثير على ذلك على أقلّ تقدير.
إذاً فالعامة ليس لهم شأن في هذه الوظيفة لأنّها لا توافق طبيعتهم ولكن المذهب الفردي الديمقراطي يضرب بيدهم وتتكلم بلسانهم وهو من وراء ذلك وهذا فعل المنافقين
لذلك وجه النبي صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه في الحديث الصحيح بقوله
( ياعثمان إن الله تعالى مقمصك قميصا,فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه)
لماذا ! لأنه ليس من وظيفة الناس(العامة) القيام بهذا الطلب أو هذا الإجراء ولم يقم به إلّا هؤلاء الذين يريدون منازعة أهل الشوكة ولا يريدون أن يخرجوا على حقيقتهم بل يلبسون ثوب العامة أو الشعب سمهم ما شئت ففعلهم فعل المنافقين.
••إن الانتخابات لا تصلح أن تتوجه لإختيار ذوي السلطات التقديرية عموما و أوّل هذه السلطات الولاية العامة أو ما دونها كولاية القضاء أو الحسبة في الدولة لأنّه لا يمكن أن ينتخب الناس بهذه الإنتخابات الهشة من يقرر لهم الحقوق و يفصل بينهم وذلك أنّ المُنتخَب (بضم الميم وفتح الخاء) سيُجامل من انتخبوه دوناً عن الذين عارضوا انتخابه أو انتخبوا منافسه أو ربما كان هذا المنافس عدوّا له وكل هذا بناء على أنّ الدولة الديمقراطية دولة ذات تعددية حزبية فتنتقض هنا صحة الإنتخاب سواء في الإمامة أو في القضاء أوالحسبة لوجود المآزة من جهة و المنافسة و المعادة من جهة أُخرى مع أنّه إذا صَحّت الإنتخابات في رئيس الدولة صحت على من دونه عقلا وهذا محال.
لأنّه في الفلسفة الديمقراطية ليس للقضاء حضور بشكل أساسي.
••وبما أنّ أهل الشوكة أتوا نتيجة انتخاب اجتماعي طبيعي تتوجه لهم إرادة المجتمع في أنّهم هم من ينصب الإمام
أمّا الإنتخابات الإجرائية (صناديق الاقتراع )فهي عملية ممسوخة هشة متفككة لو تمت من غير تدخل أهل الشوكة فيها على أقل تقدير فلن تصل الدولة إلى استقرار الحكم ابدا وذلك ان النظام الديمقراطي في جانبه العملي ينقض نفسه بنفسه فأيقونة الإنتخابات إجراءات ونتائج مخوّنة من قبل أيقونة الأحزاب وهذه الأخيرة أي أيقونة الأحزاب إذا فُعّلت واقعيا كما هي فلسفيا فلن ترضى إلّا بإمام منها كل حزب على حده فلا يمكن أن يشكلوا أهل شوكة أبدا وذلك لإفتراض إختلافهم أصلا و إلّا لما سُمّوا أحزاب وحسب الفلسفة الديمقراطية لا تتكون دولة سوية في نظر الديمقراطيين من حزب واحد بل لا بد من التعددية الحزبية.
فعقلا على هذا الأساس لن يستقر الأمر أبدا فيلجأ الديمقراطيون إلى التخلي عن مبدئهم الكبير وهو الحرية ويلجأون إلى مكونات ليست أصيلةً في فلسفتهم أبدا ألا وهي المحاكم الدستورية؛
فإنك لا تجد حضورا أساسيا للمحكمة الدستورية في الفلسفة الديمقراطية(نظريا)وهي أيضا مُخوّنة فإذا كانوا يُخونون الأيقونات والمكونات الأصيلة في فلسفتهم كالإنتخابات والأحزاب فيما بينهم فكيف بالمكونات خارج فلسفتهم وحتى لو لجأوا إلى المحكمة فإنها لاتقضي بانتهاء الأمر ولا تقضي بإسكات المعارضين أبدا وهذا الضعف في المحاكم الدسترية واضح في الدول الديمقراطية بل ربما تتحول المعارضة إلى إجراءات عملية من الحزب المُعترض تخالف طرح الفلسفة الديمقراطية كالإتفاق مع بعض أركان الجيش إذا كان الجيش يمثل جزء من أهل الشوكة بعد ان أضعفتهم العملية الديمقراطية للإطاحة بالرئيس المُنتَخب أو بأيّ مؤامرة أُخرى
وهنا نجد الخلل الوظيفي حاضرا واضحا كالشمس في رابعة النهار
فعلى هذا نجد الديمقراطيين وبسبب الخلل الوظيفي الذي احدثته العملية الديمقراطية يلجأون في كثير من الأحيان الى اهل الشوكة مرة اخرى بسبب ضعف من قام على العملية الديمقراطية عن ادارة دفة الحكم ويلجأون الى اهل الشوكة او البقية الباقية منهم اذا كانوا تجارا او عسكريين على وجه الخصوص بعد ان تم اختراقهم.
إننا في دولة مصر مثلا نجد أهل الشوكة هم أهل الجيش أوّلاً ثم علماء الأزهر ثم كبار التجار وهذا طبيعي ومتكرر في عدة بلدان غير مصر لذلك لا يستقر أمر مصر وهنا اضربه كمثال إلّا عن طريق أهل الشوكة وهم هنا الجيش فإنهم أهل الحل والعقد في مصر فللجيش مكانة عالية في نفوس أهل مصر تشكلت عبر مئات السنين من المماليك مرورا بمحمد علي باشا على الأخص و أبناؤه من بعده …الخ
••إضافة لما سبق فإنّ اختيار أهل الشوكة بمجموعهم متحقق ولا تزوير فيه لأنّه مُخرج طبيعي نابع من فئة طبيعية في المجتمع لا تتم طاعة الإمام إلّا بطاعتهم كما وصفهم ابن تيمية رحمه الله بذلك.
أمّا الإنتخابات فلضعفها و اهترائها يدخل التزوير المباشر في صناديق الاقتراع بل إن نشوب حريق مثلا في مكتب الاقتراع وصناديقه قد يسبب فتنة بين الأحزاب و ينجرّ ذلك على عامة الناس .
••فكيف يتم اختيار مكون صلب وهو الامام (رئيس الدولة) بإجراء هش او رخو مخترق لن تكون النتيجة فيه لصالح أحد أبداً
فعقلا وشرعا لا يقوم الصلب على اساس من الرخو والهش ابدا. فينتج عن هذا الخلل الوظيفي إختيارات ليست صحيحة أبدا فيكون كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم (كورك على ضلع) فالورك عضو ثقيل في الجسم لا يقوم ولا يستقيم على الضلع الذي هو عضو رقيق في الجسم مقارنة بالورك.
••إنّ الديمقراطية في سيرها كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى فلا هي قدمت للعامة الحق المزعوم وجعلتهم أهل شوكة وهذا مستحيل ولا هي أبقت أهل الشوكة على طبيعتهم ونسيجهم الموحد بل عطلت أو أضعفت وظيفتهم الطبيعية و أوجدت كينونات محدثة كالأحزاب المتناحرة التي لايمكن أن تشكل أو تقوم بدور أهل الشوكة لإنتفاء الأُسس الطبيعية عندهم والتي تقوم عليها فئة أهل الشوكة
•• إنّ الإنتخابات حيلة من المذهب الفردي لكسر طوق الجماعة المنتظمة الطبيعية فهي عدوه الأوّل، ومن أهم مواقع القوة فيه أهل الشوكة و الإمام فأتوا بفلسفة ما يسمى ظلما وزرا حق الإنتخاب و الإختيار للعامة، مع أنّ الحق لا يقرر إلّا إذا كان لصاحبه ارتباط مباشر و أصيل بمحل الحق وهذا لا يصدق إلّا على أهل الشوكة و مجتمعين أيضا لا آحادهم مفترقين ولا يصدق على العامة هذا الأمر لأنّه ليس من مصلحتهم وذلك لأنّهم مادة التنمية والمستفيدون منها فإذا كان لهم حق في اختيار الإمام (رئيس الدولة) انتفى عنهم أن يكونوا مادة التنمية وصاروا أهل الشوكة، والتنمية إذا سحبت منها مادتها توقفت و إذا قلت مادتها تعثرت وضعفت و انهار المجتمع بعامته و أهل شوكته فكل جزء من المجتمع وكل طبقة لها دورها الذي خلقت من أجله فسبحان الله
••إن مقصود الإتجاه الفردي الأوّل والأخير من العملية الديمقراطية هو تفريق أهل الشوكة واضعاف قوة حضورهم مجتمعين وجعلهم جماعات صغيرة و استغلالهم بل ربما وصل التقزم فيهم إلى أن يكونوا في بعض الحالات آحادا أي أفرادا كما يحدث في بعض الدول الأفريقية في أهل شوكتهم وهم رؤساء القبائل بالأخص أو ما حدث في دولة اليمن من هذا التشرذم لأهل الشوكة وسيطرة الحوثي الدخيل بعقيدة الاثناعشرية الفارسية و استغلاله لهم بعد ضعفهم و تمزقهم.
إن ضعف اهل الشوكة او حلول التيار المعارض للإمة في دينها وثقافتها وقيمها في محل أهل الشوكة ضياع للمجتمع وتوقف للتنمية مما يعني إنهيار البُنى التحتية معنوية كانت أو مادية بسبب الصراع.
••لقد أدرك المذهب الفردي أنّ قوة المجتمع تكمن في أهل الشوكة وعرف أنّه لابُد لكل مجتمع من أهل شوكة لا تتم طاعة الإمام إلّا بطاعتهم وهم غير عامة الناس فكان مما أتى به المذهب الفردي هذه الفلسفة الديمقراطية و أدواتها التي نبعت منها ومن فلسفتها و أوّلها طريقة اختيار الحاكم ليضرب هذه المؤسسة الصلبة والتي لا تكون الا بأفراد مجتمعين، لأنّ الفرد من أهل الشوكة لا يمثل أهل الشوكة إذا تحرك منفردا فإنّه يمثّل نفسه و فرديته وهذا مايريده المذهب الفردي الليبرالي الإبليسي بفكرة الديمقراطية و الإنتخابات خصوصا.
•••إن من المفارقات العجيبة أنّ المنظمات والكيانات التي تحاول جاهدة ضرب طوق المجتمع بمعاولها التي تدعو للفكر الديمقراطي إمّا بكفها عن فعل معين أو بفعلها لفعل معين لا تخضع نواتها لمثل هذه العمليات الديمقراطية على حقيقتها ونأخذ أربعة أمثلة هنا،
المحفل الماسوني والفتيكان و تنظيم الملالي وتنظيم الإخوان
فاختيار الرئيس الحقيقي للمحفل أو اختيار البابا أو المرشد الإيراني أو المرشد الإخواني لا يتم بانتخابات شعبوية مع أنّ أتباع كل منظمة منها بالملايين من البشر وهذه الملايين تتبع وتؤيد وتؤمن بهذه المنظمات الأربع فلماذ لا يكون انتخاب رؤسائها من هذه الملايين لكنك تجد كل رئيس من رؤساء هذه المنظمات يتم اختياره من قبل نخبة خاصة تمثل النواة الصلبة لهذه المنظمة او هذا الكيان وليس من عامتهم مع أنّ أتباعهم الذين يؤيدونهم ويضحون من أجلهم بالملايين فأين حق هؤلاء الملايين في الإقتراع لإختيار رئيسهم أو مرشدهم حسب الفكر الديمقراطي الذي تدعمه هذه المنظمات وهذه الكيانات فكل هذه المنظمات وهذه الكيانات تقر بالديمقراطية وتدعمها وتنادي بها في العالم إذاً هم لا يعترفون بالعملية الديمقراطية على الحقيقة إذا كانت هذه العملية متوجهة لكياناتهم التنظيمية وذلك لسببين الأوّل لأنّهم يعرفون السنة الإلهية التي طبع الله عليها المجتمعات
والثاني لمعرفتهم أنّ العملية الديمقراطية تفكك أيّ مجتمع وتضرب طوقه بضربها لأهل الشوكة و إخلائهم من وظيفتهم الطبيعية أو على الأقل إضعاف أداء أهل الشوكة وبالتالي سيضعف أداء الإمام لأنّه سيكون في يد العامة وهذه صورة ظاهرية معكوسة للوضع السوي الفطري وهذه نتيجة خطيرة.
إنّ اصحاب هذه المنظمات يدركون أنّه عند تطبيقهم لهذه الديمقراطية على حقيقتها داخل منظماتهم فسوف تنهار عندها من الذي سيقوم بدور الترويج لخرافة الديمقراطية ويثبتها داخل المجتمعات خصوصا المجتمعات التي تدين بالإسلام لأنّ الشريعة الإسلامية هي الوحيدة من بين الأديان الموجودة الآن تعطي تصورا جليّا و أحكاما واضحة للمنتظم السياسي أو للمنظومة السياسية فلم تتركها عبثاً فكيف يشرّع لك الدين كيفية دخول الخلاء والخروج منه و كيفية قضاء الحاجة والتطهر ولا يشرّع لك أمر الرئاسة و الإمامة و أحكامها مع أنّ ما يعرض لها من العوارض اكثر مما يعرض لهذه الآداب فبحان الله كيف ذهلت العقول السويّة عن هذا الأمر فالله المستعان.ا.هـ
••نخلص فيما سبق إلى عدة أمور مهمة منها
أوّلا- أنّ المجتمع يتكون من عدة أعضاء ولكل عضو اختصاص ومهمه.
ثانيا- أنّ أهل الشوكة مكون أصيل مهم من مكونات المجتمع وهم الذين لاتتم طاعة الإمام إلّا بطاعتهم وهذه من أهم وظائفهم
ثالثا- أنّ الإخلال بوظيفة أيّ مكون من مكونات المجتمع يسبب خلل وظيفي للمجتمع وتعطل للتنمية وظهور للفتن
رابعا - أنّ الأدوات الديمقراطية وعلى رأسها الأحزاب والإنتخابات
تنازع أهل الشوكة اختصاصهم ووظيفتهم الطبيعية.
خامسا- أنّ الإنتخابات إجراء رخو هش لا يصلح إلّا للإستأناس والإستطلاع ولا يصلح للتقرير أو الإختيار.
سادسا- سبب كون الإنتخابات لا تصلح للتقرير ذلك أنّها عُرضة للطعن والتشكيك في كل مرحلة لها مما يدل على أنّها إجراء رخو هش سهل الإختراق ولا يقوم الصلب على الرخو أبدا.
سابعا- أنّ أهل الشوكة بحكم سنة التدافع سوف يحاولون ممارسة وظيفتهم برغم وجود الإنتخابات لكنهم سيضعفون وتقوى المعارضة المخالفة لهم وللعامة في الثقافة و القيم
ثامنا- ادرك المذهب الفردي الليبرالي مدى قوة و أهمية أهل الشوكة في الحفاظ على طوق الجماعة ولحمتها فعمد إلى كسر هذا الطوق بالعملية الديمقراطية
تاسعا- لا تجد هذه العملية الديمقراطية المزعومة تتم على حقيقتها في المنظمات العالمية الكبرى مثل المحفل الماسوني او الفتيكان أو تنظيم الملالي أو تنظيم الإخوان مع أنّهم يقرونها بل يدعون إليها في المستويات التي دونهم.
كتبه اخوكم
عبدالله بن محمد الشبانات
في يوم الإثنين الموافق
١٤٤٠/٣/١١هـ