هذيان العقيد...!!

تناقلت المواقع الالكترونية مؤخرا نصا يقدح كراهية، ويعج بعبارات الشتم والذم والتجريح، لدرجة بدا معها الأمر كما لو كان هذيانا أو سبابا شخصيا وليس بيانا سياسيا ل"رجل دولة"، و"رئيس سابق"...

بمنطق معكوس، يستهل اعلي ولد محمد فال "بيانه" بأحكام قيمية نهائية، تحمل شحنة عاطفية سلبية..اختطاف، تمرد، تجويع، ترويع، تركيع، تشويه...ثم انفجار... وقانا الله وإياكم شر الانفجارات... ولكن مهلا، هل للأمر علاقة بزورق الأسلحة والمتفجرات الذي كثر الحديث عنه مؤخرا في الضفة الأخرى للنهر، ربما يلتمس لي القارئ العذر في هذا الاستحضار إذا لم يكن في محله...

يتحدث اعلي عن القضاء على المرجعيات القانونية والدستورية، وينسى أن للبلد مؤسسات قضائية وتشريعية مستقلة بقوة الدستور، وأن التأخير في تنظيم الانتخابات التشريعية على وجه الخصوص كان لدواع معروفة، تتعلق بالمعارضة السياسية التي ينتمي إليها، وحينما رفضت الحكومة خرق الآجال القانونية فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، كان فريقه السياسي أول من نادى بضرورة التأجيل، بعد أن علم أنه بصدد الخسارة مجددا كما هو ديدنه منذ آخر انتخابات رئاسية، تسلم فيها الوزارات السيادية ومنها وزارة الداخلية الوصية على الانتخابات...

يحيل حديث الرجل عن "القضاء على مؤسسات الدولة" إلى التساؤل عن حضور الدولة وهيبتها داخليا وخارجيا.

فعلى المستوى الخارجي تعززت مكانة البلاد إقليميا ودوليا، بفضل الدبلوماسية الموريتانية النشطة، والمعززة بقوة الردع الجديدة للبلاد المتمثلة في بناء جيش وطني قوي، تمكن خلال ظرف وجيز من القضاء على التهديدات الإرهابية التي برزت خلال السنوات الأخيرة من عهد عرابه"السرمدي".

أما على الصعيد الداخلي فقد تعززت هيبة الدولة، وحدثت قطيعة تامة ومشهودة مع الفساد وأصبحت للمال العام حرمته.

وعن حديث "الرئيس السابق" حول معاملة النظام القائم لمعارضيه، فتكفي الإشارة إلى أن البلاد تخلو إلى حد الساعة من أي سجين سياسي، لدرجة أن موريتانيا تصدرت مؤخرا الدول العربية في مجال حرية التعبير...

إن تسوية الإرث الإنساني، وإنشاء مفوضية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى مظاهر التمييز الإيجابي لصالح الطبقات الأكثر تهميشا، وإقامة مشاريع مدرة للدخل في المناطق الأكثر فقرا، كلها شواهد حية وماثلة، كافية لدحض أي افتراء حول التفريط في "مرتكزات الوحدة الوطنية".

لكن الطريف في هذا "البيان" البائس هو المنطق "البقالي" في الحكم على الأشياء... بقالة، شركاء، ترخيص، إستيراد وتوزيع، بضاعة فاسدة ومنتهية الصلاحية.. وعلى ذكر انتهاء الصلاحية ألا يحق للموريتانيين، وهم أصحاب الشأن أن يملكوا قرار تجديد أو انتهاء الصلاحية السياسية للأشخاص... أيها العقيد المنتهي الصلاحية حقا، أعتقد أن  الشعب الموريتاني سبق له أن عبر لك عن قراره بهذا الشأن.. أتذكر ..؟

محمد الأمين ولد أحمد

ahmedlamineah@gmail.com

جمعة, 29/08/2014 - 23:19

          ​