
ثمار الصبّار أو الصِّبر حُلوة الطّعم. . ولكنّ نباتها الورقيّة الشّحمية السّميكة مُرّة المذاق. . ، وعسل النّحل حلوُ المذاق وفوائدُه جمّة لكنّ لدغة النّحل حارقة مؤلمة، ولا يؤتىَ العسلُ سوى بصبرٍ وتأنٍّ وأناة.. كما أنه لا تُجنى ثمار الصبّار إلاّ بحذرٍ وحيطةٍ، وفي ذلك حكمة الطبيعة الخلاّقة، ولعلّ قول الشاعر مُستوحىً من هذه المعاني والرموز العميقة إذ يقول: الصَّبر كالصِّبر مُرٌّ في مذاقهِ / ولكنَّ عوَاقبَه أحلىَ من العسَلِ . . !
ينتشر نبات الصبّار على امتداد القارّة الأمريكية مترامية الأطراف، وهو من علاماتها المميّزة، ويوليه السكّان الأصليّون من الهنود عناية خاصّة، فيعملون على زراعته ورعايته. تتعدّد أشكاله وأصنافه وألوانه وثماره، وأشهرُها المعروف عندنا في العالم العربي والأمازيغي بـ"التيّن الشوكي"، والغريب هو أنّ هذه الثمرة تُسمّى في المغرب بـ"الهندي"أو" الهندية" أيّ أنها تُنسب إلى موطنها الأصلي بلد الهنود، كما تعرف في المغرب كذلك بـ"الكرموس الهندي" أو الزّعبول.
وتُسمّى في الرّيف "تهنديث" و"تاروميث" أيّ الرّومية أو الأجنبية، وتُسمّى في سوس وما جاورها، وفي مدينة سيدي إفني وضواحيها (بوّابة جنوب المغرب) "أكناري" أو "تكاناريت" نسبة إلى جزر الكناري أو أرخبيل الخالدات المقابلة لهذه المناطق جغرافياً، وتاريخياً، وعرقيّاً، وإثنيّاً، ربما جلبوها منها، فبقي اسمُها منسوباً إلى هذه الجزر، وقد توارث الآباء عن الأجداد هذه التسميات. ولا يُعرف إذا ما كان الإسبان هم الذين استقدموا معهم هذا النبات بعد اكتشافهم للقارّة الأمريكية عام 1492 أم وصل قبل ذلك منذ أزمان غابرة.
غذاء المستقبل
وحسب معلومات نشرها قسم النبات في "المعهد الوطني للعلوم البيولوجية" بالمكسيك، فإنّ القيمة الغذائية لكل 100 غرام من ثمار الصبّار هي كما يلي: الطاقة: 0. 27، البروتين :1. 7، الدهون : 0. 1،المعادن : 90. 9، سيليلوز: 6. 7، الهيدرات:5. 6، الكالسيوم: (م. غ)20. 4، الحديد (م. غ)2. 6، الفوسفور:(م. غ)17. 0، فيتامين س(م. غ) 15. 9، فيتامين ب2 (م. غ)004، فيتامين ب(م. غ)003. 1.
وصرّح المواطن الفرنسي جان باربوان، الذي كان يدرّس اللغة الفرنسية في المكسيك، بأنّ أعظم اكتشاف له في هذا البلد هو نبات الصبّار، وكان لا يشغّل أيَّ طبّاخ في منزله ما لم يكن يجيد إعداد على الأقلّ ثلاث وجبات من هذا النبات.
وبعد انتهاء مهمّته مع البعثة الفرنسية وعودته إلى بلاده، فإنه ما زال يعود الى المكسيك كلّ ستة أشهر لتناول أطباق شهيّة من الصبّار اعتقاداً منه أن صحته منذ أن بدأ يتناول هذا النبات قد طرأ عليها تحسّن كبير.
ويُستعمل الصبّار كذلك في بعض بلدان أمريكا اللاتينية، خاصة في المناطق الصحراوية أو الجرداء، كعلف للماشية.
ونظراً لوجوده وقلة ثمنه وارتفاع قيمته الغذائية، فإنّ كثيراً من خبراء التغذية يرون أنه يمكن أن يغدو بديلاً لبعض المواد الغذائية التقليدية، وبالتالي يمكن أن يصبح غذاء المستقبل للعديد من سكان العالم خاصّة في المناطق التي يصيبها الجفاف أو التي تعاني من قلّة المحاصيل.