في الفترة الأخيرة انتشرت حمى الدعوة إلى مأمورية ثالثة كان الرئيس الموريتاني السيد: محمد ولد عبد العزيز قد نأى بنفسه عن السعي إليها أو مباركة الدعوة لها؛ ملتزما باحترام الدستور، مبتعدا عن المساس بالمواد المحصنة، وهو الالتزام الذي ظل معارضو الرجل يضعونه في خانة الشك والمناورة.
لقد اتضح أن الرجل ثابت على تعهداته، انطلاقا من إيمانه بأن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وإدراكا منه لمايجري في العالم من حوله؛ وهو الذي كان شاهدا على تغيرات كبرى هزت القارة السمراء ومناطق متفرقة من العالم، كان للمنطقة العربية منها نصيب الأسد، وكان مؤداها بالأساس التمسك بالسلطة وعدم الإصغاء إلا إلى المطبلين والمتملقين الذين تحركهم الأهوء والأطماع قبل القناعة والمبادئ والمصالح الجامعة.
لاشيء يقع من تلقاء نفسه فالمسار السليم يرسم بإرادة الرجال الصادقين مع أنفسهم المحاطين بكل ناصح أمين أصغوا إليه قبل غيره، وباركوا النصح منه دون تسفيه أو مواربة، بعيدا عن تزكية الخطى ومباركة الأخطاء التي ينتهجها أصحاب المصالح الضيقة من الحرس القديم والتي تغذي الروافد المتشعبة لصناعة الطواغيت، تلبية لنداء البطون وتصامما عن بوح العقول الراجحة!.
لقد أكد الرئيس مرار وتكرار، وبوعي تام وبصيرة مدركة لحقائق الأمور وخلفياتها أنه الأدرى بمصلحة البلد، وهو ماض في صيانة ذلك والتفاعل معه إيجابا، حبا لمصلحة البلد التي تبدأ منها صيانة مصلحته هو أولا قبل غيره.
كثير من متابعي الشأن العام في بلادنا والمهتمين به كانوا على وعي تام ودراية عالية بتفاصيل مايجري ولم يفاجئهم ماحصل، بل كان ترجمة لقراءات متأنية وتتبع موضوعي لمعطيات يومية، كانت تشي بوضوح إلى حصول هذه التطلعات بكل واقعية، بعيدا عن إنكار المنكرين ومبالغة المبالغين في التسفيه والاعتراض، وبعيدا عن الانخداع بمبادرات المتملقين المتجاوزين للحد الطبيعي من الواقعية والموضوعية.
ولقد كنت كتبت مقالا في هذا السياق تحت عنوان: *الرئيس القادم واستمراية النظام الحالي*، نشر بتاريخ 7 نوفمبر 2018، أكدت فيه أن الرئيس ماض في الوفاء بعهده، وأن دعاة المأمورية واهمون، تحركهم هستيريا الأطماع لا القناعة وتتبع المصلحة فحسب، وأكدت في ذات المقال أن *ملامح الرئيس القادم* تحددت وأن معطيات أخرى هامة قد تجلت، وهذا الجزء من المقال يوثق ذلك:
(. لقد اتضح المشهد ولم يعد هناك معنى أو مسوغ لذكر أو المطالبة بمأمورية ثالثة، ولاشك أن المنادين بها لايعيرون بالا لتعهدات الرئيس ولا يتفاعلون مع التغيرات المفصلية الحاصلة في الآونة الأخيرة.. إذا هم واهمون أو يفكرون خارج الزمن الواعي؛ فالرئيس القادم تحددت ملامحة بل زادت لترسم صورته واضحة ناصعة، وأكرم بذلك كله إذا ظل كما هو منطلقا من منبعه محكما لسلوكه وطبعه. لقد بات من الواضح الجلي أن هناك شخصيات مدنية تشكل حجر الزاوية في النظام الحالي؛ ومن أهمها المهندس وزير الدولة؛ بالإضافة إلى شخصيات أخرى تتبنى نفس النهج وتسير في ذات الفلك.. كما أن هناك شخصيات عسكرية لها من المؤهلات والمميزات مايجعل إمكانية تطلعها بدور القائد الواعي المتبصر -بحكمة واقتدار- أكثر من واردة جدا جدا، ومن أهم هذه الشخصيات القائد العام المساعد "البرور" لما له من شبه وتقاطع مع صنوه القائد العام بالأمس، الوزير اليوم،*الرئيس القادم* غدا - إن شاء الله تبارك وتعالى- يمكن القول -دون مجاملة- أن القائد العام المساعد للجيوش؛ يتمتع بقوة وتماسك في الشخصية ووفرة في الثقافة والتطلع، وقد يكون هناك من يتقاطع معه في بعض الخصائص والمميزات؛ لكنه الأبرز والأظهر من ناحية التأهيل. هناك مستقبل واعد للعمل الدولي أمام الرئيس الحالي؛ الذي أسس دعائم هذا النظام وحدد مرتكزاته بقوة وأمان،فأكثر الرؤى الواعية حول مستقبله السياسي تذهب به عالميا؛ للتأثير الإيجابي في الساحة الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة أو وبعض الهيئات الدولية الأخرى؛ لفض النزاعات بين الإخوة الأشقاء العرب ونشر السلام بين شعوب العالم المتناحرة في كثير من البلدان.)
المقال: الرئيس القادم واستمرارية النظام الحالي: كتب أياما بعد تعين الفريق وزيرا للدفاع وقبل يوم واحد من تعيين *البرور* قائدا الجيوش ونشر في بعض المواقع تزامنا مع ذلك.
أرجو أن يكون ذلك نتاجا لتتبع عملي للأحداث وتقديم موضوعي لها بعيدا بعيدا عن مخيال العاطفة ورياح الخلفية المتأثرة بالقيود والكوابح..